تصدرت تخصصات البرمجة وعلوم الكمبيوتر والأمن السيبراني وتحليل البيانات والمعلومات وعلم الروبوتات والتجارة الإلكترونية وغيرها، التخصصات التي ستسود خلال العشرين سنة القادمة، وما يقابلها من وظائف ستتلاشى وتحل التكنولوجيا بديلا عنها مما سيفقد معها الملايين من الناس وظائفهم.
تابعت هذا العرض الشيق في فيلم وثائقي وأنا أستحضر مقولة تنسب للإمام علي رضي الله عنه «أعدوا أبناءكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم»، وتذكرت كيف كان التوجه السائد في العقود السابقة وبدأ يخف تدريجيا والذي تمثل بتوجيه الآباء لأبنائهم للتخصص في الطب أو الهندسة والقانون سعيا للترقي في سلم المكانة الاجتماعية وتحقيق دخل مميز، لا أنكر أهمية هذه التخصصات فالإمام الشافعي يقول «أعظم علوم الدنيا الطب، وأعظم علوم الدين الفقه»، لكن الواقع ينطق بلغة الأرقام فسوق العمل أصبح مشبعا بكثير من تخصصات كانت في السابق مرغوبة، لكنها بدأت تفقد بريقها بسبب التشبع والمنافسة الشديدة في سوق العمل.
يتأفف الكثير وبعد انخراطهم في بيئة العمل وخصوصا الحكومية بأن الوظيفة تقتل طموحاتهم ولا تروي شغفهم أو لا تتناسب مع التخصص الذي درسوه، هم صادقون إلى حد كبير لكن ترك الحياة تسير بهذا المنحى سينتهي بالإنسان إلى تبديد العمر والطاقات دون أي إنجاز يذكر، فالدراسات تشير إلى أن 80% من خريجي الجامعات في أميركا يعملون في وظائف لا تتناسب مع مؤهلاتهم، إذن فكر في تغيير بيئة عملك وإن لم تستطع فحاول أن تنمي مهاراتك وتجد مشاريع خارجية تلبي طموحك بالتوازي مع وجودك في هذا الزواج الكاثوليكي بالوظيفة الحكومية إن لم تستطع في الخلاص منها.
ولتجنب تكرار هذه السيناريوهات صار مهما استعراض تخصصات ووظائف المستقبل للأبناء من خلال الأفلام الوثائقية واصطحابهم لمعارض تخدم هذا الموضوع وغيرها كاستراتيجيات فعالة لتنويع الخيارات أمام الأبناء وإلهامهم بطريقة تخلو من الإلزام لأحد التخصصات المهمة في المستقبل بما يتواءم مع رغباتهم ويروي شغفهم، جميل أن نشرك أبناءنا في هذه الاستراتيجية يتعرفون على أهم وظائف المستقبل نوسع مداركهم ونشعرهم بأننا مهتمون بمستقبلهم نجنبهم خيارات خاطئة اتخذناها نمهد لهم الطريق لمستقبل زاهر، بإذن الله.
al_kandri@