ننطلق في حياتنا أطفالا مفعمين بالحماسة والمرح طامحين لكل شيء في الدنيا ومطالبين بكل شيء، نكبر وتستمر الحياة، تتخللها حالات الصد والفشل، وتزداد وطأتها لتبدأ خياراتنا الواسعة ورغباتنا الجامحة تتقلص آفاقها فنرضى بالقليل فاقدين بريقنا ونشاطنا متخلين عن أحلامنا محاولين إسكات الطفل الحالم بداخلنا.
يعرض المستكشف كولومبوس على إيزابيلا ملكة إسبانيا طلبا لتمويل رحلته الاستكشافية لما وراء المحيط الأطلسي راسما شروطه وامتيازاته وسلسلة الحقوق التي يستحقها منها بأن يتم منحه لقب الأميرال الأكبر للبحر المحيط، ومنصب نائب الملك في أي أرض يكتشفها، ونسبة 10% من تجارة أي أرض يفتحها، توافق إيزابيلا على الشروط مع تقييد الأخير فتمول حملته، قدم كولومبوس هذه الطلبات بثقة ورزانة وهو ابن تاجر بسيط محدود القدرات كون له علاقات واسعة من جلاسه النبلاء والأمراء رافعا درجة استحقاقه موقعه مع النخبة دائما مرتفعا فوق جمهور العامة.
الطريقة التي تتصرف بها غالبا ما تحدد نوع المعاملة التي ستتلقاها، إيمانك بذاتك، درجة استحقاقك العالية، أسلوبك الراقي في التعامل والحديث، نوعية اهتماماتك، مستوى جلسائك، هندامك الأنيق، أفكارك المتسقة مع طموحاتك الكبرى هي التي تخلق لك هالة تبدد القيود والحدود كالملك إن لبس التاج يطلب ما يريد فيكون له ذلك.
يقف إياس بن معاوية أشهر القضاة الدهاة في تاريخنا في الصف الأول للجيش وهو ابن ثماني عشرة سنة فيسأله القائد: كم سنك يا بني؟ قاصدا استصغاره - فيقول إياس: سني كسنّ أسامة بن زيد حين ولاه الرسول- صلى الله عليه وسلم- جيشا فيه أبو بكر وعمر- رضي الله عنهما- فقال القائد: تقدم بورك فيك. آمن بذاته ورفع درجة استحقاقه فكان في الصدارة مع النخبة.
طلباتك الجريئة وثقتك العالية ترفع من قيمتك، إن رضيت بالقليل فإنك ترسل إشارات بعدم استحقاقك لوظيفة أو دراسة أو منصب، كن ساميا في تطلعاتك، مميزا في عطائك، فخما في عباراتك، ستثمر حياتك وترفع درجة استحقاقك وتحلق عاليا مع الصقور.
يقول جبران خليل جبران: «ارفع سقف استحقاقك دوماً، لأنك دائماً تستحق الأفضل، الأنسب لك في كل شيء».
al_kandri@