طموحاتك وشهاداتك ومهاراتك التي كلفتك سنوات من الجد والسهر وترجمتها لإنجازات وبصمات تتوقع من العالم أن يقدر كفاحك فيستقبلك بالأحضان لتصطدم بالواقع المر بقوى الفساد التي تجثو على صدر المجتمع بالمحسوبيات التي همشت كل نجاحاتك لتضع صاحب المؤهلات المتدنية والثقافة الضحلة في المراكز المرموقة، بمن فتحت لهم قلبك كدار لهم ثم أدركت أنه يكفيهم منه غرفة الضيوف، بأحلامك التي بعثرتها الحياة وتحاول أن تلم شتاتها، بالمقارنات الاجتماعية التي هشمت العلاقات وشكلت ضغطا نفسيا لأننا لا نرى حقيقة الأشياء ونكتفي بالمظاهر، فمن يتباهى بحياته الزوجية السعيدة في وسائل التواصل الاجتماعي يفاجئ الجميع بخبر طلاقه، ومن لديه أرقى المناصب قد يكون مبتلى بأبناء عاقين، ومن يملك الثروة تحاصره الأمراض، ومن يتفاخر بعلاقاته الواسعة يرهقه سوء العشرة من أقرب الناس، فلا تبهرك تلك القشور الزائفة التي تخفي وراءها أهوالا.
«لن تحصل على شيء كامل.. ستحصل على أشياء ناقصة تكتمل برضاك» الشعراوي
ينادي الصحابة - رضي الله عنهم - يا رسول الله أحرقتنا نبال ثقيف فادع عليهم فيقول «اللهم اهد ثقيفا وأت بهم»، وأيوب عليه السلام لم يقطع حبله مع الله رغم ضراوة المرض فكانت النهايات الجميلة المبشرة «فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين».
كمية الصدمات التي تنهال عليك تحولك كتلة من الصمت لا تملك إلا أن تتعلق بالأمل بالثقة بالله إن تقطعت الحبال الأخرى تؤمن بأن الله سيرزقك، وسيفتح عليك فتحا يذهلك اتساعه تظل تحمده عليه ما دمت حيا، تتعلم فن التقبل فترضى بما هو مقسوم لك لتستمتع بوظيفتك ما دامت توفر لك كسبا حلالا، بمسكنك المتواضع الذي يكفيه أسرة متماسكة يغمرها الحب تحت سقفه، بكل نجاح يشبع ذاتك تستكمل طريقك بالجد والمثابرة والتكيف حتى تبلغ مرادك.
«إن رياح العناية الإلهية لا تكف عن الهبوب ما عليك سوى رفع الأشرعة» بيرم كرسو.
al_kandri@