في موسم الانتخابات الرئاسية سنة 1932م كانت الولايات المتحدة الأميركية تمر بأزمة اقتصادية خانقة فيما يعرف «بالكساد الكبير» فالمصارف كانت تفلس في تواتر مخيف، فاز في تلك الأثناء الرئيس فرانكلين روزفلت ويتراجع لمكان معزول دون أن يدلي بأي تصريح أو يكشف عن تعييناته الوزارية بل رفض مقابلة الرئيس الذي سيخلفه هربرت هوفر لمناقشة عملية نقل السلطة، كانت الأجواء ملبدة بغيوم القلق والتوتر.
وفي خطابه الافتتاحي غير روزفلت إيقاع السرعة وأعاد بلورة رؤيته فألقى خطابا مؤثرا كاشفا عن طموحاته وأصدر قرارات جريئة وتعيينات وزارية بمعدل سريع منعشا المزاج العام ومزيلا السلبية السائدة في فترة عرفت باسم «المائة يوم» كاسبا التأثير والتغيير في المجتمع الأميركي.
الإعلامية أوبرا وينفري عانت في مراهقتها فأعادت ترتيب أوراقها وأصبحت من اكثر النساء تأثيرا وثراء. أنتوني روبنز قرر الانتحار في شبابه فأدركه رجل أسدى إليه نصيحة كانت الشرارة للتحول في حياته فأعاد تشكيل ذاته وأصبح أشهر خبير في التنمية البشرية ومن الأثرياء والمؤثرين، وخير من هذا وتلك الصحابة رضي الله عنهم حين أسلموا أعادوا تشكيل ذواتهم في مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم فكانوا خير القرون.
فبإعادة تشكيل الذات وترتيب الأوراق في الحياة يغدو الروائي الفقير في بنائه اللغوي ساحرا بذخيرته الروائية المليئة بالحبكات والتشويق، والفنان المغمور تتحول ريشته لعصاة سحرية تنثر جمال وتدر عليه الملايين، والمتواضع في تحصيله الدراسي إلى أعظم الأساتذة، ومن يعاني السمنة إلى بطل في ساحة الرشاقة، والمبتدئ في السياسة إلى عراب في مجاله، والإعلامي المنزوي وراء الأضواء إلى نجم لامع، والمعلم الرتيب في شرحه لمبدع آسر للقلوب بأسلوبه الجاذب.
المجتمع قد يوكل إليك أدوارا بما يراه هو مناسبا لك لا كما تراه أنت، يتقوض به تأثيرك ونجاحك، فلا تقبل الأدوار والقوالب التي يفرضها عليك، كن عصيا على التأطير السائد، اصنع أنت أدوارك في الحياة بإعادة تشكيل أفكارك، شخصيتك، قناعاتك ومهاراتك.