جاءت وفاة اللاعب الأرجنتيني دييغو مارادونا قبل أيام لتوقظ في نفسي بعض ذكريات الماضي، فقد كان الراحل من اللاعبين الذين أعجبت بهم، كحال الكثيرين من أبناء جيلي في فترة الثمانينيات، والتي شهدت صعود فريق الأرجنتين، والفوز في كأس العالم عام 1986!
تم اختياري في العام نفسه ضمن فريق نادي مدرستي الثانوية Wilde Lake High School في ولاية ميريلاند الأميركية، وقد كان من المعهود أن تتيح إدارة الفريق، للأكبر سنا أولوية اختيار الرقم المفضل لديه، وقتها كنت طالبا في الصف التاسع، وهو ما يطلق عليه، في عرف المرحلة الثانوية والسنة الجامعية الأولى، تعبير «freshman» وهي أولى المراحل ثم تأتي بعدها مراحل sophomore ثم junior ومن ثم السنة الأخيرة senior.
ولشدة هوسي بمارادونا كنت أرغب في الرقم 10، لكن سبقني إليه طالب يكبرني عمرا، فاخترت الرقم 9، ولا أخفيكم أنني كرهت ذلك الطالب في بداية الأمر، وبقي نظري مشدودا إلى قميصه، لكن بمرور الأيام، أدركت أننا فريق واحد، ولابد لنا أن ننحي المنافسة الشخصية لصالح العمل الجماعي، حتى نسجل الهدف ونحقق الفوز ونكون شركاء في الفرح به، وقد بات ذلك الطالب صديقا.
كما أنني أصبحت عاشقا للرقم 9 بعدها، وحافظت على اختياري له، حتى أصبح قطعة مني، وشاركت به في مباريات عديدة، والأهم من ذلك أن اختيار ذلك الطالب للرقم بدلا مني قد أصبح مقبولا، لأن هناك معيارا محددا عادلا لاختيار الأرقام، وهو يتيح لي الفرصة لاحقا لأكون أول المختارين لو كنت بقيت في المدرسة والفريق لغاية الصف 12!
وتعلمت من تلك الواقعة أيضا أن البشر قد يختلفون ويتنافسون، ثم ينحون الخلافات سعيا نحو هدف أكبر، كذلك، أدركت أن بعض الأمور قد تكون ذات أهمية بالغة، لدى المرء، في مقتبل عمره، ثم تغدو غير ذات قيمة ولا يلقي لها بالا مع تقدم العمر.
وهكذا قد تصبح الأحداث التي تؤلمنا وقت وقوعها، بردا وسلاما في لاحق الأيام، حين ندرك الحكم والعبر والدروس التي فيها، ومن ثم نتقبلها ونسعد بها ونتجاوز ما ألحقته بنا من آلام كما تجاوزت عقدة الرقم 10.
[email protected]