تستخدم الدراسات واستطلاعات الرأي، في العمل الإداري، لمعرفة آراء الموظفين واقتراحاتهم، كما ذكرت سابقا في مقالات «تحفيز الموظفين على أن يقولوا ما يشاؤون» و«ماذا تفعل بنتائج آراء موظفيك؟»، ثم تأتي لاحقا الخطوة المهمة بعد الدراسات، وهي ما الذي يريد الموظفون رؤيته وسماعه؟ وما هي الإجراءات التي يمكن للإدارة اتخاذها إزاء ذلك وبطريقة ذكية!
عادة ما تنتج عن الدراسات واستطلاعات الرأي مجموعة من النتائج والمطالب من الموظفين، والتي لن يكون من المنطقي الاستجابة لها كلها، وإلا وقعنا في فخ الشعبوية والاستجابة إلى مطالب العامة أو الأغلبية Populism، فمن البديهي أن الجميع يريدون رواتب أكبر وامتيازات أكثر، ولكن ذلك لا يعني عدم الاستجابة بالمطلق لمطالب الموظفين، أو ممارسة الفذلكة واللعب بنتائج الدراسات «الاستجابة الشكلية» أو«الاستجابة دون الاستجابة».
المطلوب هو الاستجابة المنطقية المبررة أو الذكية لما يمكن تحقيقه، وإشعار الموظفين بأن هناك استجابة ولو لجزء من مطالبهم، ولذلك، فإن من الأمور المهمة، عقب الخروج بنتائج الدراسات، إن يقوم المديرون في حدود وسعهم بالاجتماع بالموظفين، وإعلامهم بمدى الاهتمام بآرائهم التي تم رصدها من خلال الدراسات، وكذلك، بأنه قد نفذت تغييرات وتعديلات فعلية، وأن هناك مبررا لعدم تغيير ما لم يتغير وعدم الاستجابة إلى بعض المطالب، خاصة إذا كانت نتائج الدراسات تدعمها بنسبة إحصائية كبيرة، أما إهمال المطالب التي تدعمها نسب إحصائية محدودة فهو أمر وارد ومألوف.
وقد تحدثت العديد من أدبيات الإدارة عن الدور الإيجابي الذي تقوم به العبارات التحفيزية والمشجعة من المدير إلى موظفيه، من قبيل «ماذا تعتقدون بخصوص هذا الأمر؟»، «شكرا لعملكم الجاد»، «أنا أثق بكم»، «ما الذي يمكن فعله لنصبح أفضل»، هل تريدون التحدث بشأن هذا الأمر؟»، ورغبة الموظفين في أن يسمعوا من مديرهم ما فيه ثناء وشكر على مساهماتهم وعملهم، واهتمام المديرين بمعرفة آرائهم عن القضايا الجارية وتوقعاتهم عن المستقبل.
إن المديرين الأقوياء هم أولئك الذين يفتحون كل القنوات والأبواب لموظفيهم، سواء كانت مادية أو افتراضية، وقد يكون من غير المعقول أوالمنطقي أن يفتح المدير بابه للموظفين كي يأتوا إليه في أي وقت ودون موعد مسبق، لكن الطفرة التكنولوجية وفرت وسيلة أخرى، وهي الروابط الإلكترونية، التي تحفظ للموظف خصوصيته وتضمن عدم الكشف عن هويته Deidentification، وتفسح له المجال لكي يتكلم بسقف عال، وأن يبوح بكل ما في نفسه، وهو ما يماثل بل حتى ويغني عن اللقاءات المباشرة بسقف أعلى وأوسع.
[email protected]