أطلق مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) مؤخرا خطة الاستجابة الإنسانية لأفغانستان 2022، والتي يعتبرها البعض أكبر نداء إنساني يتم إطلاقه على الإطلاق لبلد معين، وفي حال توفير التمويل للخطة والذي يبلغ نحو 4.44 مليارات دولار، فإنها ستقدم الدعم الغذائي والزراعي الحيوي والخدمات الصحية والتغذية والمأوى الطارئ والمياه والمرافق الصحية والحماية والتعليم في حالات الطوارئ.
وقد يبدو المبلغ المرصود مبالغا فيه لبلد واحد، لكن نظرة متأملة لخطة الاستجابة وما فيها من أرقام فاجعة ستكشف عن حجم المعاناة الإنسانية في أفغانستان وتعدد نواحيها، فعلى صعيد البنية التحتية، فإن أقل من نصف مقاطعات أفغانستان تملك تغطية هاتفية شاملة للمقاطعة، كما أفادت 35% من الأسر النازحة بأن لديها تغطية هاتفية كافية للمكالمات الصوتية والرسائل النصية والإنترنت في معظم الأيام، في حين أن 60% أخرى لديها تغطية صوتية ورسائل نصية قصيرة فقط.
وتقدر وكالة التنمية الدولية الأميركية (USAID) أن 30% فقط من الأفغان يحصلون على الكهرباء، بينما تزعم أرقام أكثر تفاؤلا من منظمة مراقبة الشفافية في أفغانستان أنها قد تصل إلى 65%.
وتزيد الكوارث الطبيعية والمخاطر البيئية مثل الجفاف الصورة قتامة، وتسهم في زيادة النزوح، ويبلغ مؤشر مخاطر INFORM في أفغانستان درجة 6.8، مما يجعلها خامس أعلى دولة من حيث المخاطر من بين 190 دولة، وفي الوقت ذاته، يصنفها مؤشر نوتردام للتكيف العالمي على أنها الدولة الحادية عشرة الأقل استعدادا للصدمات المناخية والعاشرة الأكثر عرضة للتغير المناخي في العالم، ومع وجودها في منطقة نشطة زلزاليا، تظل أفغانستان معرضة بشدة لأضرار كارثية بسبب الزلازل، لا سيما في المناطق الحضرية المكتظة بالسكان.
العقود المتتابعة من الصراع العسكري تركت ما يقدر بنحو 800 ألف أفغاني، أي 2.7% من السكان، يعانون من مجموعة من الإعاقات الشديدة الجسدية والنفسية، وقد صنفت أفغانستان على أنها الدولة الأقل سلما في العالم في مؤشر السلام العالمي واعتبر الصراع فيها من بين أكثر الصراعات فتكا بالمدنيين، ومما يزيد الوضع تعقيدا انتشار الألغام والمتفجرات من مخلفات الحرب، والتي تؤثر على ما لا يقل عن 1500 من المجتمعات الأفغانية.
الظروف المتدهورة، من الصراع العسكري والجفاف، إلى جانب الزيادة في السكان، تركت نحو 24.4 مليون شخص في احتياجات إنسانية في عام 2022، وتوقعت خطة الاستجابة الإنسانية أنه في الربع الأول من عام 2022، سيكون 23 مليون شخص، أو 55% من السكان، في أزمة من انعدام الأمن الغذائي، من بينهم 8.7 ملايين شخص في حالة طوارئ وهذا هو الرقم الأعلى عالميا.
وهكذا يبدو الوضع الإنساني في أفغانستان كارثيا ومعقدا، من أي زاوية أو مجال، مما يفرض تدخلات إنسانية عديدة في شتى القطاعات، تستلزم بدورها حجما كبيرا من التمويل والخبرة والتعاون بين المانحين والعاملين في القطاع الإنساني، بما يجعل من أفغانستان بحق وبكل أسف الأزمة الإنسانية الأكبر في عام 2022.
[email protected]