هذا هو المقال الثامن الذي أكتبه عن أفغانستان بعد سلسلة مقالات تناولت الجوانب الإنسانية والسياسية والشد والجذب في التعامل مع الموضوع، وسأتغاضى هنا في هذا المقال عن السلبيات مركزا فقط على الجوانب المضيئة التي تظهر أن المجتمع الدولي قد تجاوب وبمرونة مع الوضع الإنساني في أفغانستان، وما سيتبعه من ترتيب مؤتمر تعهدات دولي الشهر القادم في مارس 2022! والحملة التي ستطلقها الجهات الرسمية بالتعاون مع أكثر من 20 جهة خيرية في الكويت تحت عنوان «فزعة لأفغانستان» ولمدة شهر، وسيستند المقال الى مصادر متنوعة اطلعت عليها خلال الفترة الماضية، وكان آخرها التقرير الذي صدر بعنوان: «العون لأفغانستان تحت حكم طالبان Aid to Taliban-controlled Afghanistan» عن مكتبة مجلس العموم البريطاني.لعل أولى بوادر التجاوب كانت في نجاح مؤتمر المانحين لأفغانستان، الذي عقدته الأمم المتحدة في جمع 606 ملايين دولار أميركي لمساعدة أفغانستان، ثم النداء الإنساني الذي أطلقته الأمم المتحدة لتوفير 4.5 مليارات دولار، والذي يعتبر أكبر نداء إنساني لبلد بعينه، استجابة لضخامة حجم الاحتياجات الإنسانية في أفغانستان!
وأتى تعهد المنظمات الإنسانية الدولية مثل برنامج الأغذية العالمي (WFP)، واليونيسيف، ومنظمة الصحة العالمية وغيرها بمواصلة عملها الإنساني في أفغانستان، ودعوة بعض الدول مثل قطر وباكستان إلى تقديم مساعدات إنسانية لأفغانستان دون أي شروط!
ثم كان أن سمحت السلطات الأميركية، باستئناف التحويلات الشخصية إلى أفغانستان عن طريق المؤسسات المالية، وتعهدت الولايات المتحدة بتقديم 782 مليون دولار لمساعدة أفغانستان، وأعلنت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في سبتمبر إنها ستحتفظ «بالاستعداد» الإقليمي لدعم أفغانستان، أما حكومة المملكة المتحدة فقد أجرت محادثات مع المنظمات غير الحكومية والمؤسسات المالية حول كيفية إيصال المساعدات إلى أفغانستان دون انتهاك العقوبات، ونشر مكتب المملكة المتحدة للعقوبات المالية (OSFI) إرشادات جديدة للقطاع الخيري بهدف دعم إيصال العون إلى أفغانستان.
ثم صدر قرار مجلس الأمن الدولي الذي أعفى المساعدات الإنسانية إلى أفغانستان من العقوبات الدولية على طالبان، وتبعه قيام وزارة الخزانة الأميركية بإصدار المزيد من التراخيص، والتي بدأت منذ سبتمبر، لتسهيل تدفق المساعدات الإنسانية إلى أفغانستان، والسماح لبعض المنظمات مثل وكالات الأمم المتحدة والصليب الأحمر والهلال الأحمر والبنك الإسلامي للتنمية بالعمل مع طالبان دون انتهاك العقوبات.كما قرر البنك الدولي الإفراج عن 280 مليون دولار أميركي من أموال للصندوق الائتماني لإعادة إعمار أفغانستان ARTF لليونيسيف وبرنامج الغذاء العالمي، وقد وافقت جميع البلدان الـ 31 المساهمة في ARTF على القرار.وزادت حكومة المملكة المتحدة من حجم مساعدتها الإنسانية والإنمائية لأفغانستان إلى 286 مليون جنيه استرليني، صرف منها 176 مليون جنيه استرليني حتى نهاية يناير، إلى جانب سعيها إلى الحصول على دعم دولي لتقديم المشاريع الإنسانية على نطاق أوسع.
وعلى الصعيد الإسلامي، أعلنت منظمة التعاون الإسلامي، في ختام مؤتمر القمة لوزراء الخارجية، عن إنشاء صندوق ائتماني إنساني لأفغانستان، كما قام عدد من أعضاء المنظمة مثل: قطر، السعودية، باكستان، الإمارات وإيران بإرسال مساعدات إنسانية إلى أفغانستان.وهكذا ينبغي أن تضعف الحسابات السياسية والاختلافات الفكرية أمام الاحتياجات الإنسانية الملحة وإطعام البطون الجائعة وإنقاذ حياة البشر.
[email protected]