كالعادة يقدم التقرير الأممي عن حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم، والذي تشارك فيه خمس من وكالات الأمم المتحدة، معلومات صادمة وهذا العام أكثر بعد أن ارتفع عدد الأشخاص الذين يعانون الجوع في العالم إلى حوالي 828 مليون شخص في عام 2021، وبزيادة قدرها نحو 46 مليون شخص منذ عام 2020 و150 مليون شخص منذ تفشي جائحة «كوفيد-19»، وقدم التقرير أدلة جديدة صادمة ايضا حتى لو بطريقة غير صريحة على فشل تحقيق هدف القضاء على الجوع وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية بجميع أشكاله بحلول عام 2030.
وللمفارقة، يتزامن ذلك مع حقيقة أن ثلث الإنتاج العالمي من الغذاء، حوالي 1.3 مليار طن يتم إهدارها، قبل وبعد وصولها الى المستهلك، وتبلغ قيمتها النقدية حوالي تريليون دولار، وتسهم بنحو 10% من الغازات التي تتسبب بظاهرة الاحتباس الاحتراري العالمي وغيرها من المعلومات المخيفة المزعجة في موقع الأمم المتحدة لليوم الدولي للتوعية بالفاقد والمهدر من الأغذية.
هذه الأهمية لقضايا الغذاء والأمن الغذائي جعلتها من بين المواضيع التي تناولتها استطلاعات الرأي العالمية، وكان منها استطلاع البارومتر العربي في جامعة برنستون، الذي شمل بدورته السابعة لعام 2022 الكويت، حيث تناول الاستطلاع قناعة الجمهور الكويتي بمدى صحة عبارتين حول موضوع الأمن الغذائي.
وكانت العبارة الأولى «خفنا أن ينفد الغذاء قبل أن نؤمن المال لشراء المزيد»، وقد رأى 84% من الكويتيين انها لا تنطبق عليهم على الإطلاق، في حين رأى 12% أنها تنطبق أحيانا، ورأى 3% فقط أنها تنطبق غالبا، أما العبارة الثانية «نفد الغذاء الذي اشتريناه ولم يكن لدينا من المال ما يكفي لشراء المزيد»، فقد رأى 93% من الكويتيين انها لا تنطبق عليهم على الإطلاق، في حين رأى 4% أنها تنطبق أحيانا، ورأى 1% فقط أنها تنطبق غالبا.
كما تتفق الى حد بعيد مع نتائج مؤشر الجوع العالمي GLOBAL HUNGER INDEX لعام 2022، الذي يعتبر أداة شاملة لرصد وقياس معطيات الأمن الغذائي على جميع المستويات، بهدف نشر التوعية ومساعدة صناع القرار على مستوى العالم على تحديد مواضع الخلل واتخاذ الإجراءات اللازمة لمكافحة الجوع بشتى أشكاله، ويقوم المؤشر بتحديد مستوى الجوع في كل دولة استنادا إلى تقييم عدة معدلات، من أهمها: نقص إمدادات التغذية للسكان عموما، وسوء التغذية لدى الأطفال، ووفيات الأطفال بسبب نقص أو سوء التغذية.
وكانت الكويت الدولة العربية الوحيدة في المؤشر التي احتلت مكانا ضمن الفئة الأولى بين الدول الأقل جوعا على مستوى العالم، استنادا إلى بيانات تم تجميعها على مدار العام السابق، وحصلت على 5 نقاط، من 100 نقطة تشير حسب منهجية المؤشر إلى المستوى الأكثر جوعا، وتقاسمت بذلك المرتبة الأولى مع 17 دولة أخرى ضمن فئة «الأقل جوعا»، بينما توزعت بقية الدول على فئات تراوحت بين معتدلة ومقلقة وخطيرة.
تعكس هذه النتائج قناعة الكويتيين بتوافر الأمن الغذائي في الكويت وأن لا أحد تقريبا شعر بجوع أو قلق بسبب نقص الطعام، مقارنة بالنتائج المزعجة على مستوى العالم ومنها الدول العربية المشمولة بالمؤشر لتؤكد النعمة التي تحظى بها الكويت وتعزز من أهمية استمرار العطاء الخيري الإنساني والدور الإغاثي الخارجي الذي تقوم به للشعور بالآخرين، وإرسال خيرهم عبر الحدود لتخفيف الجوع من حولهم دون الالتفات للأصوات الناشزة في تجفيف التبرعات الخارجية.
ولكن استطلاعات البارومتر العربي تقتصر على آراء المستجيبين من جنسية أهل البلد وفق عينة ممثلة تم جمع بياناتها من منازل الكويتيين، وهو ما قد يعني أن هناك بعض الفئات ـ من غير الكويتيين ـ التي تعاني من الجوع! ولذا لابد في المقابل من مراعاة مطالب بالاهتمام بهذه الفئات حتى بقياس آرائهم، وثم مساندتهم لينعم كل فئات المجتمع باستقرار غذائي واجتماعي حتى لا يجوع في الكويت أحد.
[email protected]