[email protected]
الكويت دولة صغيرة في حجمها، لكنها كبيرة ليس فقط في بعض مواقفها العروبية وامتداد خيرها خارج حدودها، ولكن أيضا في اقتصادها مقارنة بعدد سكانها، كما أن لديها فرصا أكثر لتكون أكبر كما كتبت سابقا بأن تقدم نموذجا لبيئة سياحية جاذبة محافظة متقدمة على مستوى العالم!
صحيح أن الكويت تنعم باحتياطيات نفطية كبيرة واستثمارات عمالقة خارج حدودها تجعل الكويتيين يركنون إلى مستقبل مطمئن، ولكن هذا لا يمنع مرة أخرى من السؤال المشروع والذي لا يحبه البعض: «ماذا عن الكويت بعد النفط؟» وهو ما يتطلب بذل جهود أكبر في تنويع المصادر وتقوية الاقتصاد بمختلف الوسائل المشروعة مثل إنشاء مناطق تجارة حرة، ومراجعة القوانين لجذب استثمارات خارجية وقوانين داخلية تسن وتشجع مستثمرين من الداخل والخارج وقبل ذلك تحديث البينة التحتية والتي طالما يشعر الكويتيون بألم حينما يتحدثون عن البطء في هذه الخطط التي أصبحت حلما بعد أن عطلها الفساد بمخالبه!
شاركت الكويت بوفد من جنسيات متنوعة وبمستويات متباينة ومن قطاعات عديدة قبل أيام في قمة الاستثمار الدولي SelectUSA والتي تعد واحدة من أكبر أحداث ترويج الاستثمار في الولايات المتحدة، حيث تجمع ما يقرب من 5 آلاف شخص من بين رجال الأعمال ومستثمرين ومسؤولين حكوميين بما فيهم بعض وزراء الحكومة الفيدرالية، وعلى رأسهم وزيرة التجارة ووزير الخارجية! وحكام العديد من الولايات يتنافسون بشكل خفي ودي فيما بينهم لجذب الشركات لولاياتهم، كما ظهر ذلك في كلماتهم ومعارض الولايات المخصصة لعرض كل ولاية بشكل لافت وكأنهم عمالقة قطاع خاص! بل وحتى بعض المقاطعات الصغيرة كان لبعضهم تواجد، حتى أن صديقنا «فرانز كولب» Franz Kolb مدير التجارة الدولية والديبلوماسية في ولاية يوتا (UTAH) يحدثني عن عدد المساجد في الولاية والتنوع الديني والثقافي فيها!
ولأن موضوع الاستثمار تبادلي وشراكة، فقد شاركت جهات التنمية الاقتصادية الرسمية الأجنبية، فيبدو أن سفارات الولايات المتحدة استنفرت لجذب ودعوة شركات ومستثمرين متنوعين حتى من صغار الحجم للمشاركة وتسهيل إجراءات دخولهم وانخراطهم في القمة، لذا ترى جلسات خاصة لدولة معينة مع مسؤول كبير في وزارة التجارة الأميركية مثل Dale Tasharski نائب مدير عام الأسواق الدولية حيث سمحت لي قبعتي الإعلامية بالاستماع له يتحدث مع الوفد الأردني، ثم في اليوم التالي مع الوفد الكويتي بحضور سفيرة الكويت في أول أيام عملها بواشنطن الشيخة الزين الصباح، ثم استمعت له في جلسة عامة حول التأشيرات متحدثا عن دوره في مساندة تسهيل الإجراءات في معرض إجابته لمشارك باكستاني! هذا فضلا عن تواجد معرض خاص لعشرات الجهات الحكومية الأميركية المنتشرة في المعرض للإجابة عن استفسارات المشاركين.
توفر القمة مثل كل عام فرصة للشركات والمستثمرين من أكثر من 80 دولة تحدث إليهم الرئيس بايدن بكلمة مصورة لاستكشاف فرص استثمار في دولة تعد واحدة من أكبر الاقتصادات وأكثرها ديناميكية في العالم، والأهم في موضوعنا أنها ما زالت تتربع للعام الـ 11 على التوالي على عرش أفضل بيئة جاذبة للاستثمار في مؤشر Kearney Foreign Direct Investment Confidence Index، ودون تفصيل في أسباب هذا التفوق، ولكن من السهل إدراك ما تتمتع به الولايات المتحدة من بنية تحتية متطورة، وبيئة صديقة للأعمال وإمكانية الوصول إلى أسواق وعملاء جدد، ما قد يساعدهم على تنمية أعمالهم وهو ما كان يتحدث به أرباب الشركات المشاركة بانبهار، ومنها الشركات الكويتية، فهي فرصة لها لتنويع مجالات استثماراتها وزيادة أربحها هي وأربحهم أولئك في منفعة متبادلة!