تنتشر العديد من المواقع التي تقدم معلومات عن الأشخاص، لغايات الاستفادة من خدمة أو تقديمها كتأجير العقارات، أو التوظيف، فمثلا تقدم مواقع مثل Grow Your Business، وAccurate Now، وGood Hire، وTrusted Employees معلومات عن الموظف ومسار عمله وتفاصيل حياته الشخصية، وكل ما يتعلق به، لتسهل على صاحب العمل التعرف على موظفيه قبل توظيفهم.
ظهرت أيضا مواقع تعمل كقواعد بيانات تقوم بفرز وتصنيف الأفراد، وفقا لبياناتهم المتعلقة بمكافحة الجريمة المالية، والرشوة، والفساد، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، وفحص ومراقبة الأشخاص الذين لديهم خلفية سياسية في المعارضة، حيث أصبحت هناك إمكانية للفحص الآلي عن أي شخص ـ حتى لو لم يكن يعلم هذا ـ للتحقق منه، وكذلك الحال بالنسبة لأي جهة، مثل: World – Check، وEncompass، وAML Check، وغيرها من المواقع، وهو ما من دوره أن يعمل على درء المخاطر المتزايدة التي قد يتعرض لها الأفراد والكيانات المختلفة، أو بمعنى أدق من المفترض أن يقوم بذلك، ولكن هل هذا ما يحدث فعلا؟!
على الرغم من مميزات تلك المواقع الايجابية، إلا أن لها مخاطر مكافئة، ففي بعض الأحيان قد تتضمن معلومات غير دقيقة تكون مأخوذة من مصادر عامة موجودة عبر الفضاء الإلكتروني الواسع الذي يتضمن خليطا من المعلومات الخاطئة والصحيحة، وبناء عليها تقوم بإصدار أحكام على الأفراد أو الكيانات، كما حدث مع قاعدة بيانات World – Check التي تسببت في إغلاق حسابات مصرفية لمواطنين بريطانيين لدى بنك HSBC في عام 2014، وذلك لمجرد أن الموقع ذكر أن لهم صلات إرهابية دون وجود أدلة قوية على ذلك، كما تم اكتشاف أسماء لجمعيات خيرية كبرى، وناشطين، ومؤسسات دينية تندرج تحت قوائم «الإرهاب»، برغم عدم توجيه أي تهم رسمية لهم، حيث تم اكتشاف أن بعض هذه المعلومات لم تكن من مصادر إخبارية موثوقة، وهو ما تم نشره والاعتداد به على الموقع دون تمييز أو تحرٍ عن دقة المعلومات.
الأدهى من ذلك أن مثل تلك المواقع قد لا تشوه صورة العميل لمجرد اتهامه دون دليل، وإنما قد تشوه صورته لمجرد ارتباطه بأشخاص من ذويه أو أقارب لديهم صلات بأي جرائم مالية أو إرهابية، دون وجود دليل أيضا على ذلك! إلى جانب تلك المخاطر، تقوم باتباع نهج استباقي، بمعنى أنها تقوم بتشويه صورة أفراد أو كيانات على الملأ مما يتسبب في فرض عقوبات عليهم تشبه العقوبات القضائية والقانونية قبل أن يحدث ذلك فعلا، وحتى مجرد اقتصار البيانات على مشتركي المواقع أصبح غير مضمون، خاصة مع إمكانية تسريب المعلومات المتاحة عليه، وهو ما حدث من قبل للعديد من المواقع.
لعل ما سبق يجعلنا نشك إلى أن ما يحدث صناعة لتحقيق أهداف ما، أو للتلاعب بالصورة الذهنية عن شخصيات أو جماعات دون أدلة دامغة، ليختلط العمل السياسي المخابراتي بالمال والقطاع الخاص.
ولكن أين نحن من إيجاد قواعد بيانات عربية مماثلة وأكثر حيادية تقوم بتصنيف الأفراد والجهات من مصادر معتبرة؟ لنكشف بها عن الفاسدين بما فيهم كبار المسؤولين من الشرق والغرب بعيدا عن زهوة المال وبريقه!
[email protected]