تتعرض كل المؤسسات والقطاعات إلى تشكيك مهما بلغت درجة الثقة فيها، ومهما كانت مكانتها ومجالها، لهذا دأبت الجهات الاستطلاعية على سؤال الناس عن ثقتهم في المؤسسات والجهات كما في مسح القيم العالمي World Value Survey والباروميتر العربي وغيرهما، حيث تظهر نتائج تلك الاستطلاعات عادة التفاوت بين الجهات في درجة الثقة، فهناك جهات التصقت سمعتها بالسوء مثل السياسية والإعلامية، مقابل انطباعات جيدة لبعض الجهات مثل التطوعية والعاملة في المجال الخيري.
وغالبا ما يكون صوت التشكيك عاليا محاولا تقديم معلومات صادمة تنتقد نجاحات بارزة ومميزة، وهذا ما تعرضت له بعض الجهات الخيرية الكويتية منها على سبيل المثال «جمعية العون المباشر» - التي تعد من أقوى الجمعيات جمعا للتبرعات ونشاطا وأثرا - والتي استطاعت أن تجمع خلال 12 ساعة عن طريق الإنترنت أكثر من 8 ملايين دولار لمجاعة الصومال، وجمعت خلال 14 ساعة ما يقرب من 4 ملايين دولار لأيتام كينيا، كما ورد في تقرير الكويت في مؤشر بيئة العمل الخيري ٢٠١٨ الصادر عن جامعة إنديانا الأميركية، وبعد كتابة التقرير استمرت الجمعية بالمزيد من جذب المتبرعين وإبهار الجمهور، ففي العام الماضي مثلا أطلقت حملة «ألف بير»، والتي حققت نجاحا كبيرا، للدرجة التي اضطرتهم لأن يزيدوا الحملة من 1000 بئر إلى 1500 بئر! بالإضافة لنجاح حملتهم الجديدة في شهر رمضان الحالي لتنفيذ 2000 مشروع على مستوى 27 بلدا.
ولمعرفة أثر هذه الأصوات الناقدة للعمل الخيري وحملاته المميزة في جمع التبرعات، سألنا عينة من متبرعي كبرى الجمعيات الخيرية فيما إذا كانت «أثرت عليهم موجات التشكيك في توجهاتهم نحو هذه الحملات والجهات الخيرية الراعية لهم؟»، فتبين لنا أنه على الرغم من تلك الحملات، والتي تابعها حوالي (61.6%) من المستجيبين (ما بين المتابعة باهتمام، أو إلى حد ما)، إلا أن غالبية المتبرعين لم يتأثروا بها، حيث لم يكن لموجات التشكيك التي أطلقت على بعض الحملات الرمضانية تأثير على (60%) منهم، ليس ذلك فحسب، بل أن تلك الموجات قد أحدثت تأثيرا عكسيا لدى (17%) من المستجيبين، حيث تولد لديهم تأثير إيجابي نحو العمل الخيري والمؤسسات الخيرية الكويتية، وهو ما يدلل على رصيد كبير من الثقة بالعمل الخيري في الكويت، وهو ما عززته نتائج دراسة صدرت حديثا عن المركز العالمي لدراسات العمل الخيري بعنوان «الثقة في مواجهة التشكيك في مؤسسات العمل الخيري الكويتي».
وبرغم ما بدا من نتائج الدراسة أن العمل الخيري الكويتي يقف على أرض صلبة إلا أن جزءا من نتائج تحليل مضمون مئات التغريدات المنشورة على شبكات التواصل الاجتماعي أظهرت أن هناك بعض الأفكار التي تدخل تحت نطاق الانتقاد أكثر من التشكيك، تستحق استفادة القطاع الخيري منها وعدم تجاهلها حتى يبقى محصنا من حملات تشكيك تخدش الثقة به.
[email protected]