صدمة في الأردن بكل ما تعنيه الكلمة مع صدور قرار وزارة التعليم العالي الكويتية بإلغاء اعتماد 15 جامعة أردنية، وحصر الاعتماد والسماح للطلبة الكويتيين بالدراسة في خمس جامعات فقط بناء على تقارير الجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي، وما اتخذه من توصيات بخصوص معايير الاعتماد وتحديث قوائم مؤسسات التعليم العالي خارج الكويت بهدف ضمان جودة التعليم!
قد يكون هذا القرار جزءا من ردة فعل ما شهدته الكويت خلال العام الفائت 2018 حول قضية الشهادات المزورة في مختلف التخصصات والمراحل الجامعية، وهي كارثة أكاديمية وأخلاقية، اتسع نطاقها ليشمل الشهادات الصادرة من جامعات وهمية، أو جامعات غير معتمدة برغم جديتها ومصداقيتها، ولكنه على الجانب الأردني، أثار قرار الكويت إلغاء اعتماد هذا العدد الكبير من الجامعات الأردنية جملة من التساؤلات عن مدى كفاءة التعليم العالي في الأردن، وجودة التعليم في جامعاته، ودواعي القرار وتفاصيله، مما فتح المجال واسعا للمراجعة الذاتية وجلد الذات، وعدم الركون إلى ما تم تحقيقه من إنجازات، إضافة إلى مطالبات أكاديمية وشعبية ورسمية للتحقق من الأخطاء والممارسات السلبية التي أضرت بسمعة ومستوى التعليم في مؤسسات التعليم العالي الأردنية!
ثمة العديد من الأسباب - جاء بعضها على لسان وزير التعليم العالي الأردني - التي حاولت تفسير قرار الكويت ثم قطر في إلغاء اعتماد 7 جامعات منها: تخفيض معايير القبول في الجامعات، والسماح بالاستثناءات، وتجاوز الطاقة الاستيعابية في الدراسات العليا، والسماح في أوقات معينة ولهدف جذب الطلبة بدراسة المواد الاستدراكية بعد إنهاء الخطة الدراسية، يضاف إلى ذلك السماح بالتدريس خارج الحرم الجامعي وفي مكاتب الارتباط، ووجود من لا يملكون المؤهلات المطلوبة وتخفيض معدلات القبول والموازي لغير الأردنيين في الجامعات الرسمية والخاصة، مع انفلات البرنامج الموازي، والاستثناءات التي منحت للطلبة غير الأردنيين والتوسع في البرامج، بمبررات تتعلق باستقطاب الطلبة ودعم الاقتصاد الوطني، وقصور الأنظمة والقوانين المنظمة للتعليم العالي!
ولمحاولة التخفيف من هذه الصدمة التي هزت ثقة الأردنيين بتعليمهم الذي طالما افتخروا به وبمخرجاته، قدم بعض المتخصصين ومنهم رئيس جامعة أردنية سابقة عدة مقترحات طالبت بالشروع في مجموعة من الإجراءات التنظيمية داخل الجامعات، واقتراح بعض التعديلات في قانوني التعليم العالي والجامعات الرسمية، واختيار القيادات التربوية وفق معايير متميزة، ومنح المزيد من الحرية الأكاديمية في الجامعات، وإحداث نقلة نوعية في الخطط والبرامج الدراسية، بما يواءم والتطور العلمي الذي يشهده العالم، والعمل على إلغاء أو تنظيم برامج التعليم الموازي، وإلزام الجامعات الخاصة والرسمية بتدريس الطلبة غير الأردنيين ضمن ذات البرامج المعمول بها للمواطنين الأردنيين، وعدم منحهم امتيازات خاصة، وتحسين وتطوير المنهج الدراسي وطرق التدريس، وتعيين أعضاء الهيئة التدريسية واختيارهم وفق قدراتهم ومؤهلاتهم وخبراتهم فقط وليس وفق جذورهم أو علاقاتهم والتي طالما انعكست سلبا على البيئة الجامعية، وجعلتها بيئة للصراعات والتجاذبات على حسب التعليم الجاد، ومن ثم فربما جاءت تلك الصدمة بمنزلة وقفة لمراجعة أنفسنا لمزيد من التطوير والتحسين.
[email protected]