كبشر، نميل بشكل فطري إلى تطوير ذواتنا، سعيا لتحقيق طموحاتنا وأهدافنا المتنامية والمتغيرة وفق مراحلنا العمرية، والتي تتنوع طبقا لحاجاتنا المادية والمعنوية، والإنسان الناجح منا من يبني أهدافه تبعا لما تمتلكه شخصيته من مهارات وسلوكيات ومواهب ومعارف، والناس وان كانوا يتفقون بصورة عامة على ضرورة تطوير الذات وأهميته في الحياة، غير أنهم يختلفون في الكيفية والأسلوب الذي يؤدي فعلا إلى هذه الغاية!
ومن هنا يقع الخلط بين مفهومين، دراسة أو تنبؤ المستقبل، والتخطيط الاستراتيجي، رغم الاختلاف الكبير بينهما، في التعريف والهدف وطريقة التعاطي مع كل منها سلبيا أو إيجابيا!
فالتنبؤ يهدف إلى توقع التغيرات المستقبلية مستعينا بمؤشرات الحاضر، والحقائق الماضية والحالية، وهو يرتكز على مجموعة من التصرفات والافتراضات، التي تنطوي على درجة معينة من التخمين، ويهدف إلى رسم صور تقريبية محتملة للمستقبل بقدر المستطاع، وبعبارة أخرى فالتنبؤ يخبرنا إلى أين نحن ذاهبون؟!
أما التخطيط فهو صياغة مسلك ضمن خطوات معينة، بهدف تحقيق جملة من التغييرات والأهداف في المستقبل، وهو يرتكز على الإمكانيات والقدرات المادية والمعنوية التي يمتلكها الفرد أو المؤسسة حاليا، ومن ثم خطوات عملية ينبغي للفرد أو المؤسسة تنفيذها للوصول إلى الأهداف المرجوة، والتخطيط بذلك يخبرنا كيف نذهب إلى حيث نريد!
وقد يشير التنبؤ إلى توقعات مستقبلية سلبية المضمون، اعتمادا على قراءة المؤشرات الحالية، فيأتي التخطيط ليوجه الأحداث لتحقيق نتائج إيجابية، وذلك بالعمل المدروس وضمن خطوات محددة، لتعديل الأداء وتطوير القدرات الحالية، أي صناعة المستقبل الإيجابي بالتخطيط ثم العمل للتنفيذ، أما إذا استكشف التنبؤ المستقبل بصورة إيجابية، فيأتي دور التخطيط المتبوع بالعمل لتقوية عناصر القوة قدر الامكان، بهدف تعظيم المتغيرات الإيجابية التي سبق للتنبؤ أن استشرفها!
من جمال التخطيط أن يكون مشحونا بالإيمان بالله والتفاؤل، والتفكير الإيجابي والثقة بالنفس، مبنيا على أهداف واضحة ومحددة، وترتيب الأولويات بما يعظم من الإنجازات، ثم الموازنة بين الطموح والواقع، وذلك بالتدرج في حجم ونوعية الأهداف المبتغى تحقيقها بمنطقية وذكاء حتى لا تقود الإنسان حال الفشل إلى الإحباط واليأس، دعونا نخطط ونعمل ولا نكتفي بالتنبؤ!
[email protected]