رغم أن الكوارث، طبيعية كانت أم من صنع الإنسان، تعتبر فواجع مؤلمة، إلا أنها في الوقت ذاته حدث مهم للجمعيات والمؤسسات الخيرية ولا سيما من الدول ذات الوفرة المالية، لمد يد العون والمساعدة للمنكوبين، حيث تشتد الحاجة للأعمال الإغاثية العاجلة، التي تشمل بدورها قدرا كبيرا ومتنوعا من التحديات، خاصة مع ما تتسبب به هذه الكوارث من انتقال المنكوبين من مكان لأخر في نفس البلد، أي النزوح الداخلي، أو مغادرة بلدانهم الى أخرى.
وطبقا لبيانات المركز الدولي لرصد النزوح الداخلي IDMC، فقد بلغ عدد النازحين داخليا، على مستوى العالم، بسبب الصراعات 41.3 مليونا، إلى جانب 25.4 مليون من اللاجئين.
ويواجه الأشخاص النازحون داخليا، في الغالب، عنفا مستهدفا واضطهادا وفقرا مدقعا، لكن لأنهم بقوا داخل حدود بلادهم، فإنهم يتلقون القليل من الاهتمام أو الدعم الدولي الفعال، مقارنة باللاجئين، وعوضا عن ذلك غالبا ما يتم نسيان محنتهم، كما أنهم على عكس اللاجئين، لا يتمتعون بوضع خاص في القانون الدولي مع حقوق خاصة بأوضاعهم.
وعلى مستوى لبنان، الذي تجتاحه الحرائق، منذ أيام، بلغ عدد النازحين داخليا قبل الأحداث الأخيرة 11 ألفا، إلى جانب 1.2 مليون لاجئ سوري، و175 ألف لاجئ فلسطيني، ستضاف إليهم ألاف أخرى، لم تحصر بعد، ممن نزحوا داخليا بسبب النيران التي أتت على منازلهم ومصادر رزقهم.
إن هذا الوضع يفرض تحديا كبيرا، أمام الجمعيات والمؤسسات الإنسانية، الإسلامية منها بخاصة، للعمل على بذل ما هو ممكن، لتوفير المساعدة والحماية الضرورية للنازحين، والأخذ بأيديهم لعبور محنتهم، ودعم قدرتهم على الصمود والتكيف، واستعادة سبل العيش.
ووفق دراسة تقدير الموقف التي صدرت عن اتحاد الجمعيات الإغاثية والتنموية في لبنان URDA، فإن الحاجات الملحة الآن هي: حصص غذائية لعائلات النازحين ولعناصر الدفاع المدني والإطفاء والمتطوعين، ومطبوعات ومنشورات للتعريف بحرائق الغابات وكيفية حمايتها، وهناك لاحقا احتياجات أقل إلحاحا، مثل إعادة التشجير ووضع ميزانية دائمة لفصل الحرائق.
ويبقى القول أن سرعة التدخل في الكوارث، كحرائق لبنان الأخيرة، سواء لإطفاء الحريق، أو توفير المأوى والخدمات الصحية للمنكوبين، سيقدم نموذجا حيا للتكاتف العربي والإسلامي فضلا عن صورة إيجابية للغاية عن المساندين دولا وجهات وأفرادا.