ينشط العمل الخيري الإغاثي غالبا خلال الأزمات، وبعد وقوع الكوارث، طبيعية كانت أم من صنع الإنسان، بهدف احتواء الكارثة، والتقليل من آثارها، ومد يد العون والمساعدة لمن نكبوا بها!
من الطبيعي أن بعض الكوارث لا يمكن التنبؤ بها وبالتالي قد نجد مبررا للتقصير في التعامل معها من مختلف الجهات بما فيها منظمات العمل الإنسانية، إلا أن هناك نمطا من الكوارث والأحداث التي نتوقعها قبل حدوثها في مكان ما كتلك التي تحدث بشكل موسمي أو دوري مما لا مبرر لإهمال التعامل معها وفق الإمكانيات المتاحة، بتجهيز استباقي وقائي للتخفيف من الأضرار المتوقعة للكارثة قدر المستطاع مسبقا وهو ما تهتم به العديد من الجهات الإنسانية!
الحرائق الأخيرة التي اجتاحت لبنان من الأمثلة الواضحة مؤخرا على هذا النمط من الدعم الاستباقي، ولذا طرح تقرير تقدير الموقف، الصادر عن اتحاد الجمعيات الإغاثية والتنموية في لبنان URD، نوعين من الاحتياجات لمواجهة الحرائق، العاجلة والآجلة، وكان مما جاء فيه طلب تخصيص ميزانية دائمة لفصل الحرائق الذي يمتد من شهر يونيو إلى شهر نوفمبر، ويكون أشده خطورة في شهر أكتوبر ومنتصف شهر نوفمبر، حيث تهب الكتل الهوائية الحارة التي تسبب الجفاف، والرياح ذات السرعة العالية التي تساعد على انتشار الحرائق! مصائب كثيرة يمكن تخفيف العمل الإغاثي بالعمل الاستباقي، فالعالم يشهد كل عام عشرات المصائب ما بين انفجار البراكين والزلازل والأعاصير والفيضانات، والتي تسببت حسب تقرير للبنك الدولي، بخسائر قيمتها 520 مليار دولار سنويا، وتدفع نحو 26 مليون شخص إلى الفقر كل عام، وهذه الأرقام سترتفع خلال العقود المقبلة لأن تغير المناخ سيضاعف القوة التدميرية للإعصارات والفيضانات وموجات الجفاف.
وهكذا يمكن للعمل الخيري الإغاثي أن يأخذ زمام المبادرة، وأن ينتقل من دور العلاج إلى دور الوقاية والمنع، وهنا يتخذ العمل الخيري الإغاثي اتجاها إبداعيا وإيجابيا، يستشرف المستقبل ويستعد لمستجداته، ولا يقتصر على مجرد تلقي الضربات والافتخار بالاستجابة السريعة، والتعامل مع الأزمات والكوارث بعد أن تقع!