جاء في أحد بيانات منظمة الصحة العالمية المنشور في 2019 أن هناك حالة وفاة لخمسة أشخاص كل دقيقة بسبب ضعف الرعاية الطبية، وهو ما انتشر بشكل سريع وبترجمة غير دقيقة في العشرات من وسائل الإعلام، أن الوفاة بسبب الأخطاء الطبية.
في عام 1976، أضرب الأطباء في مدينة بوغوتا في كولومبيا لمدة 52 يوما ما عدا حالات الطوارئ والإسعاف، فانخفضت نسبة الوفيات 35%، وفي نفس العام أيضا أضرب الأطباء في مدينة لوس انجيليس الأميركية عن العمل لمدة خمسة أسابيع فانخفضت معدلات الوفيات 18%، وعند انتهاء الإضراب عادت نسبة الوفيات إلى ما كانت عليه، هذه الوقائع كانت من منشورات انتشرت مؤخرا، وهي قد توحي ضمنيا أن الأطباء يتحملون المسؤولية عن ارتفاع معدلات الوفيات! وهو طرح غير منطقي في بعض جوانبه، فالإضراب هو تغير في توافر الأطباء على المدى القصير، على حين أن الوفيات غالبا ما تحدث لتراكمات تجمعت على المدى الطويل.
لا جدال أن بعض الأخطاء قد تحدث عن سوء نية وقصد، فهناك أطباء لا يبالون بدقة مهنتهم حتى وهم على مقاعد الدراسة وتطوير معرفتهم واطلاعهم، ومن ثم وصف أدوية لمرضى لا يحتاجون لها أو من غير أولوية وتمحيص، فالأدوية أولا وأخرا هي مركبات كيميائية، تم إنتاجها لوظيفة معينة، وبجرعات محددة، واستعمالها خلافا لذلك يحولها إلى سموم، وقد يكون المريض مداوما على دواء معين، ولكونه لم يلمس تحسنا سريعا، فإنه يلجأ إلى استشارة طبيب، ليس على المستوى المطلوب من الخبرة والإحاطة بوضع المريض وسجله الصحي، فيصف له دواء قد يتضارب مع الأدوية الأخرى التي يتناولها المريض بما قد يقود إلى الوفاة!
ومن جهة أخرى، فإن بيئة الأماكن الصحية والعلاجية قد تكون سببا لاستفحال المرض وانتشار العدوى، ولذا كان من ضمن التحذيرات التي أطلقتها بعض الدول في الخطوات الاحترازية لمنع انتشار فيروس كورونا - حديث العالم هذه الأيام - عدم مراجعة المراكز الصحية والمستشفيات إلا للضرورة القصوى، تحسبا للعدوى من أي أمراض، وحتى لا تصبح أماكن العلاج هي نفسها أماكن الأمراض!
[email protected]