فرضت المتغيرات السياسية في المنطقة العربية، لاسيما بعد ما عرف بالربيع العربي، وما ترتب عليها من أزمات وكوارث إنسانية، انخراط العديد من المنظمات الإنسانية الدولية، سواء ما كان منها تابعا للأمم المتحدة، أو الدول الغربية، أو العربية، بهدف تلبية احتياجات المتضررين الإنسانية، والتخفيف قدر الإمكان من معاناتهم، خاصة في اليمن، وفي سورية التي تدخل أزمتها عامها التاسع بما يقارب 5.6 ملايين من اللاجئين في الأقطار المجاورة، وما يزيد عليهم من النازحين داخليا!
سعت هذه المنظمات، أيا كان منشأها، الى حفز الجمهور العربي على تقديم التبرعات، لتوفير الدعم المالي لمقارباتها ومشاريعها لإغاثة السوريين، عن طريق الإعلانات المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي أثارت بدورها ردود أفعال متباينة، لدى المعلقين، تراوحت بين الدعاء للمنكوبين بالفرج، والاستفسار عن كيفية التبرع، وصولا الى انتقاد المنظمة صاحبة الإعلان، وتقييم أدائها بشكل سلبي!
وسعيا الى قياس الفروقات بين تفاعل الجمهور مع الإعلانات التي نشرتها بعض المنظمات، أشرفت على دراسة رصد موجزة في تحليل مضمون تعليقات الجمهور على إعلانين على الفيسبوك للتبرع لسورية، أحدهما لمنظمة دولية إنسانية تابعة للأمم المتحدة، والآخر لمنظمة إنسانية كويتية، حيث قامت الدراسة بحصر التعليقات على كلا الإعلانين خلال نوفمبر من العام الماضي وتصنيفها من حيث المحتوى، إيجابيا أو سلبيا أو محايدا!
كانت نتائج المقارنة بما تسمح به منهجية البحث العلمي ملفتة للنظر، فرغم تشابه بعض التعليقات وردود الأفعال الإيجابية والسلبية، إلا أن نسبة التعليقات السلبية على إعلان المنظمة التابعة للأمم المتحدة كانت أكثر، والتي تضمنت اتهامات بسوء استخدام التبرعات، وعدم الجدية في إيجاد حل دائم لازمة اللاجئين السوريين، إلى 16% من مجموع التعليقات (402) خلال فترة الدراسة (الرصد)!
تعكس بعض هذه النتائج صورة ذهنية سلبية في المنظمات الإنسانية المرتبطة بالأمم المتحدة لدى الجمهور العربي، ومن الأسباب المهمة التي تستحق الاهتمام باعتبارها من جذور المشكلة بأن الأمم المتحدة ينتظر منها ومن وكالاتها دور أكبر من غيرها من المنظمات المحلية أو الاقليمية، أو تلك المكبلة بقيود الحدود والمال والقوة، وهو ما عبر عنه أحدهم في أحد التعليقات «الأمم المتحدة هي السبب الأول في معاناتهم بسكوتها عن الظلم والديكتاتورية. حلوا قضيتهم ولن يعودوا بحاجة الى اللجوء وستتوقف معاناتهم»!
[email protected]