صدم وباء كورونا اقتصاديات الدول الغنية التي كانت تدفع بسخاء لدعم العمل الإنساني في مناطق عدة في العالم، وأجبرها أو سيجبرها على إعادة ترتيب أولويات الانفاق، حتى تكون قادرة على مواجهة الوباء وتداعياته في بلدانها هي في المقام الأول!
في ظل هذا الاستنفار، هناك ملايين من البشر معرضون للنسيان، ممن كانوا يعتمدون على الإغاثة ونشاط المنظمات الإنسانية قبل تفشي الوباء، في مناطق كغزة والعراق وسورية وأفغانستان وبنغلاديش وغيرها، ممن باتت حياتهم مهددة بسبب انقطاع الغذاء والدواء، بفعل القيود التي فرضتها الحكومات على النقل والحركة لمواجهة الوباء، والتي أدت بدورها الى تعليق أو توقف نشاط المنظمات الإنسانية!
وفي الوقت ذاته، فإن احتمال انتشار فيروس كورونا في تلك المناطق مرتفع للغاية، لاسيما في مخيمات اللاجئين المكتظة في آسيا وأجزاء من أفريقيا، والتي تضم أكثر من 25 مليون لاجئ و40 مليون نازح، وهو الأمر الذي يعني كارثة إنسانية ذات أثر مزدوج، خاصة بالنسبة للمجتمعات والأفراد، الذين لم يتوافر لديهم، حتى قبل الأزمة الأخيرة، مستوى معقول من الرعاية الصحية العلاجية والوقائية!
وإذا ما ضربنا المثل من تقرير The New Humanitarian الذي يتتبع خريطة العون الإنساني مع فيروس كورونا في العديد من دول العالم ومنها مخيمات الروهينغا في بنغلاديش، التي تضم ما يقارب 900 ألف انسان، فهي لم تصمم للتعامل مع جائحة مثل كورونا، وتعيش في ظروف تعتبر مثالية لتفشي الوباء، حيث يمكن لـ 250 شخصا ان يتشاركوا في صنبور واحد للمياه، والمساحة المخصصة للمعيشة للشخص الواحد هي في حدود 3.5 أمتار مربعة فقط، إلى جانب سوء التغذية الذي يعاني منه كثيرون، فضلا عن حظر استخدام الإنترنت الذي يجعل من المستحيل القيام بأي تنسيق جماعي لمواجهة الوباء بين المخيمات!
رغم هذه الصورة القاتمة، فإن هناك العديد من الجهات الإنسانية الفاعلة، التي تطالب الحكومات بتسهيل بقائها وعملها حتى يتسنى لها تقديم العون لأولئك المنسيين في تلك المناطق المنكوبة، وتدعو المجتمع الدولي الى تخصيص الأموال، للحفاظ على سير العمليات الإنسانية التي كانت قائمة قبل الوباء، وكذلك لمواجهة تداعياته وآثاره!
على الدول التي تملك الوفرة المالية، ورغم الصعوبات والمسؤوليات التي فرضها عليها وباء كورونا، ألا تنسى أو تتجاهل معاناة أولئك المنسيين، وأن تدرج دعمهم ضمن خططها الطارئة، في إطار جهد عالمي متكامل لا يهمل فئة من البشر، ويسعى الى حمايتهم جميعا حيثما كانوا، وفي المنطلق الإسلامي يكفي الحديث الشريف «صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات».
[email protected]