منذ أن نشرت جامعة سنغافورة نموذجها الاحصائي مؤخرا في التنبؤ واستشراف موعد انتهاء وباء فيروس كورونا في بلدان عديدة حول العالم، ومازالت ردود الأفعال تتوالى حياله والحكم على درجة دقته، بعد أن عجت به مئات أو آلاف وسائل الإعلام مبتهجة متفائلة.
لا يمكن لباحث مختص، فضلا عن فريق بحثي في جامعة ذات سمعة جيدة مثل جامعة سنغافورة، ولاسيما وهي تغامر بنشر هذا النموذج حول وباء عالمي متجدد، أن تغفل عن العوامل العديدة التي يذكرها البعض وهم ينتقدون النموذج الإحصائي الذي قدمته الجامعة، دون النظر إلى المحددات والتحفظات والشروط التي ذكرتها الجامعة، وهي أول ما تراه عندما تدخل موقع النموذج https://ddi.sutd.edu.sg/، وأتمنى أن يكون هذا التوضيح قد نشر بالتزامن مع نشر النتائج، وليس بعدها كردة فعل على بعض النقد، أو سوء استخدام الجهات الإعلامية بتقديس البيانات والنتائج دون الالتفات لهذه التوضيحات.
تذكرت أثناء هذا النقاش ومع عدة استفسارات وصلتني، ما تعاني منه بعض تحديات التعامل مع نتائج قياسات الرأي العام، وكأنها حقائق تعبر فعلا بدقة عن مجموع الآراء، دون الالتفات لنسبة الخطأ الإحصائي المبرر وغير الإحصائي المخفي، وكذلك كذب المستجيب، والذي تمثل هنا، في موضوع مقالنا، بالدول التي كذبت في المعلومات الخاصة بالوباء وعدد الحالات ومسار تفشي الوباء منذ البداية، وهي كلها عوامل مهمة في المعادلات الإحصائية التي استخدمتها الجامعة، ومنشورة بشفافية اعتمادا على مصادر خارجية موثقة على الموقع لا مجال لذكرها هنا، يضاف إلى ذلك ضعف الإمكانات لدى العديد من الدول في إجراء الفحوصات، والرصد المبكر للوباء، الأمر الذي دفع فريق البحث إلى الامتناع عن تضمين نتائج بعض الدول لشح المعلومات عنها أو لضعفها كما أشير في موقع النموذج، كما أن فريق البحث زاد من حماية نفسه بالتنويه إلى أن النتائج ستخضع أيضا لسياسات وإجراءات التعامل مع الوباء في كل بلد، ولذا فإن عدم تحقق نتائج انتهاء الوباء في ألمانيا مثلا يعود الى تغير سياسات الإغلاق وليس لفشل النموذج!
مرة أخرى، التوضيحات التي ذكرت في موقع النموذج هي التي لم يركز عليها إلا القليل ممن نشروا نتائج النموذج أو المتشائمون في زمن كورونا، ولا يريدون إلا سماع الأمل ونشره، أو أولئك الذين انتقدوا النموذج دون إدراك لدقة البحوث العلمية.
وعليه يستحق أن أختم المقال بترجمة حرفية للتوضيح لكل من يريد أن يقرأ أو يستخدم النتائج.
٭ «إخلاء المسؤولية: المحتوى من هذا الموقع هو فقط للأغراض التعليمية والبحثية، وقد يحتوي على أخطاء. النموذج والبيانات غير دقيقة للحقائق المعقدة والمتطورة وغير المتجانسة لمختلف البلدان.
التوقعات غير مؤكدة بطبيعتها. يجب على القراء اتخاذ أي تنبؤات بحذر.
إن الإفراط في التفاؤل بناء على بعض تواريخ الانتهاء المتوقعة أمر خطير لأنه قد يخفف من قيودنا وضوابطنا ويسبب تحول الفيروس والعدوى، ويجب تجنبه».
[email protected]