على مدار سنوات طويلة، تعاملت مع موظفين لاسيما من أساتذة جامعات وباحثين ومساعدي أبحاث وإحصائيين، حينما عملوا بشكل مباشر في مشاريع بحثية، أو تمت الاستعانة ببعض خدماتهم في البحوث أو الترجمات أو التدقيق أو التحليل الإحصائي، وقد تفاوت هؤلاء في مستوياتهم، بين الجادين والمحترفين، أو الشكليين والسطحيين.
من الأخطاء المستفزة التي يقع بها بعض الموظفين، ومنهم الشريحة التي عايشتها وسأركز عليها في هذا المقال كنموذج، حين يعظمون دورهم في هذه الأعمال والإنجازات، والتي تقوم على العمل الجماعي وجهد الفريق، وليس مجرد العمل الفردي لهذا أو ذاك، خاصة في المشاريع الكمية والمتعددة المراحل، التي تتطلب جمع البيانات، وما يسبق ذلك من الإعداد وتصميم الاستمارات واختيار الأسئلة المناسبة، وما يليه من تحليل إحصائي واستشارات وتفسير للنتائج وتحكيمها وتقييمها!
وصل الحد ببعض الباحثين في تعظيم دورهم، إلى صورة مزعجة ومنفرة، حينما يطلب أحدهم عملا أو دورا في بعض المشاريع البحثية، ويرسل نسخة من كتاب أو بحث ويزعم أنه من عمله بالكامل، ومنهم من تجرأ بوضع عناوين رسائل دراسات عليا لغيرهم ضمن سيرتهم الذاتية!، أو ما فعله أحدهم حين كاتبني قائلا: «هذه بعض نماذج الأبحاث والدراسات التي قمت بها... بغض النظر عن أسماء أصحابها!».
إن من المفهوم والمتعارف عليه أن تكون بعض المشاريع مبيعة، بحيث تشترط الجهة الطالبة للدراسة، عدم ذكر فريق العمل المنفذ وحتى اسم الجهة لمبررات متنوعة، وتشترط ذلك في العقد، بما يلزمها بدفع تكلفة إضافية لقيمة الدراسة، أو تمنح خصما إذا تم ذكر اسم الجهة المنفذة أو الشريكة، كما حدث معنا سابقا حين وافقت جهة على وضع شعارنا كمركز منفذ على مؤشر بحثي، في مقابل تقليص قيمة العقد بـ 15 ألف دولار.
ما يفعله بعض الموظفين، ممن غرتهم أنفسهم في تعظيم دورهم والمبالغة في جهدهم، هو بعيد كل البعد عن العدل والمنطق والحياد، وقد يدفع الآخرين إلى الحذر من مجرد مشاورتهم في أبسط الأمور، وأذكر هنا نصيحة أحدهم لباحث دكتوراه، عندما علم برغبته في استشارة البعض في أطروحته، حين قال «إن لم تكن لك حاجة ماسة لهذه الاستشارة (من شخص معين) فلا تفعل، فهو من النوع الذي قد يأتي يوما ويعايرك بهذه الاستشارة!»
[email protected]