شأنها شأن العديد من الجهات الصحية في مختلف دول العالم، أطلقت وزارة الصحة الكويتية حملاتها للمسح العشوائي لتقصي انتشار وباء كورونا، مبتدئة بالمناطق التي توجد فيها بؤر للوباء، وزاد متوسط عدد المسوحات اليومية واتسع نطاقها لتشمل مختلف محافظات الكويت، حتى بلغ عددها الإجمالي 452.970 مسحة حتى كتابة هذه السطور.
باتت هذه المسوحات مادة للنقاش والجدل، ففي مقابل هذا العدد الكبير من المسوحات العشوائية، التي قامت بها الفرق الطبية التابعة للوزارة وأنفقت فيها أموالا طائلة، فإن المراكز الصحية والمستشفيات قد ترفض إجراء الفحص لبعض من يبادرون إلى طلبه بأنفسهم، حتى ولو كانوا يعانون بعض الأعراض الخفيفة، مثل ارتفاع درجة الحرارة وتنصحهم بملازمة بيوتهم.
من منظور إحصائي وباستصحاب منهجيات استطلاعات الرأي والعينات، فإنه لمعرفة حجم ظاهرة ما في المجتمع لا يصح الاقتصار على من يقومون بأنفسهم بالإدلاء بمعلومات حولها، فهذا يقدح في فهم الظاهرة، بل يلزم أن تقوم الجهة التي تتحرى دراستها وبمنهجية تلائم البحث باختيار عينة من ستقوم بإجراء مسحات عشوائية لهم.
وفي حالتنا هذه قامت فرق وزارة الصحة خلال التزام الناس بيوتهم في فترة الحظر بانتقاء عشوائي للأشخاص، وأجرت الفحص شبه الإلزامي عليهم، في وضع أتيحت فيه للجميع فرص متساوية لأن يكونوا ضمن المختارين كأنهم في سلة واحدة، وهو ما يتوافق مع مثالية العينات الممثلة وسحرها إذا طبقت بالشكل الصحيح، كما قال المدير التنفيذي السابق لمنظمة غالوب لاستطلاعات الرأي فرانك نيوبورت في كتابه «شؤون استطلاعية».
ومن جانب آخر، كلما كانت الفحوص العشوائية أكثر دقة وعددا خدم ذلك رصدا أدق لأعداد الإصابات، بدلا من المعلومات المحدودة التي يوفرها مجرد الاعتماد على تسجيل إصابات من يبادرون إلى طلب الفحص، أو من تظهر عليهم أعراض الوباء البينة، والتي تقدم صورة مغلوطة عن العدد الفعلي للإصابات، وهي المفارقة التي نراها في دول تعلن رقما قليلا في عدد الإصابات في مقابل عدد مرتفع من الوفيات يوميا، ودول أخرى يرتفع فيها الرقم المعلن للإصابات في مقابل عدد محدود من الوفيات.
[email protected]