منذ عام 2011 واندلاع الأزمة السورية، شكلت المساعدات الإنسانية، العابرة للحدود، عصب الحياة للملايين من السوريين، الذين أصبحت معاناتهم مادة للخلافات والمناكفات السياسية، بين نظام الأسد ومعارضيه، وحلفائهم الدوليين والإقليميين.
حلفاء نظام الأسد (روسيا والصين) يربطون دخول المساعدات بما يرونه ضرورة الاحترام الكامل لسيادة سورية ووحدة أراضيها وبالتنسيق مع حكومتها الشرعية، وخصومهم من الدول الغربية يشككون في نزاهة النظام في توزيع المساعدات والبعد عن تسييسها.
وكان نقل المساعدات عبر الحدود منذ عام 2014 يتم عبر أربعة معابر: الرمثا مع الأردن، اليعربية مع العراق، وباب السلام وباب الهوى مع تركيا، واستمر الأمر على هذه الحال حتى يناير الماضي، حين توقفت المساعدات عبر الأردن والعراق بسبب معارضة روسيا والصين.
ويذكر هنا الدور الإنساني للكويت، خلال عضويتها لمجلس الأمن 2018-2019، حين تقدمت 3 مرات بمشاريع قرارات لضمان وصول المساعدات الإنسانية عبر الحدود الى سورية، رغم إجهاض هذه القرارات بالفيتو الروسي والصيني أو خرقها، في حال اعتمادها، من النظام السوري.
ومؤخرا، وافق مجلس الأمن، بغالبية 12 صوتا من أصل 15، على مقترح ألماني - بلجيكي ينص على إلغاء معبر باب السلام، والإبقاء على معبر باب الهوى على الحدود التركية في شمال غرب سورية مفتوحا لمدة عام أمام المساعدات الإنسانية، وقد مر القرار بعد محاولتي تصويت فاشلتين على مقترحين روسيين، واستخدام روسيا والصين الفيتو ضد تصويتين آخرين أعدتهما ألمانيا وبلجيكا.
يشكل القرار الأخير نكسة جديدة للعمل الإنساني في سورية، فتقليص المعابر يقلص من حجم العون الإنساني الذي يمكن وصوله الى من هم بأمس الحاجة إليه، كما أنه يحجم من قدرة المنظمات الإنسانية ومرونتها في تقديم المساعدات، وعند ربط القرار بما سبقه، فإننا نقف بوضوح أمام سياسة ممنهجة لتجفيف منابع العون الإنساني في سورية، ولاسيما في المناطق غير التابعة لنظام الأسد.
النتيجة المباشرة لتقليل المعابر، تجويع الملايين من النازحين والمهجرين، وإجبارهم على العودة الى المناطق التي يسيطر عليها النظام، وجعله هو المتحكم في وصول المساعدات، والتي قد يستخدمها، كما أشارت منظمات حقوقية دولية، لخدمة العمل العسكري ومعاقبة المدنيين، فضلا عن المردود الاقتصادي بدخول العملة الصعبة الى خزينة النظام.
وهكذا قد تفضي سياسة تقليص المعابر الإنسانية، مع الأعمال العسكرية المتواصلة في شمال غرب سورية، بالمعارضة الى تقديم تنازلات جديدة للنظام ليضيف هذا القرار خطيئة جديدة من خطايا روسيا والصين ضد الشعب السوري.
[email protected]