اعتادت بعض الأنظمة، في سياق الترويج والتبرير، لما تقوم به من إجراءات سرية وعلنية للتطبيع مع الكيان الصهيوني، أن تحتج بأن كل ما تفعله إنما هو لخدمة القضية الفلسطينية وعودة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وهو الأمر الذي طرحه مؤيدو الاتفاق التطبيعي الأخير، من أن الاتفاق كان ضرورياً لمنع ضم الكيان الصهيوني لأراضٍ من الضفة الغربية وغور الأردن.
بعيداً عن الضجيج الإعلامي، وعند النظر الى السجال الدائر داخل الكيان الصهيوني حول قرار الضم، الذي كشفت عنه القياسات المتتابعة للرأي العام الصهيوني، لن يكون من الصعوبة بمكان استكشاف العديد من المؤشرات على تأجيل تنفيذ قرار الضم منذ ما قبل الاتفاق الأخير!
فقد أظهر مؤشر الصوت «الإسرائيلي»، الذي نفذه «معهد الديموقراطية الإسرائيلي»، في مايو الماضي، أن نصف «الإسرائيليين» يؤيدون ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، لكنهم منقسمون بشأن اتخاذ الخطوة بدون الدعم الأميركي؛ حيث قال 25% إنهم يريدون أن تضم حكومتهم المستوطنات اليهودية وغور الأردن حتى دون دعم الولايات المتحدة، في حين فضل 25% آخرون الضم فقط بدعم أميركي، بينما عارض 30% آخرون هذه الخطوة بالكامل، أما الـ20% المتبقون فكانوا مترددين، وتعتقد أغلبية 58% أن خطوة الضم ستؤدي إلى اندلاع انتفاضة ثالثة.
كما أظهر ذات المؤشر لشهر يونيو الماضي، أن 24.5% من «الإسرائيليين» يؤيدون تطبيق السيادة على جميع الضفة الغربية، و14% يؤيدون تطبيق السيادة على الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية، و8% يؤيدون تطبيق السيادة على وادي الأردن فقط، و25% يعارضون ضم أي جزء من الضفة الغربية، ورد حوالي 28.5% بأنهم لا يعرفون، وعند سؤالهم عما إذا كان ينبغي لـ«إسرائيل» الاستمرار في الضم إذا كان مشروطاً بإقامة دولة فلسطينية، قال 49% ممن أجابوا على الاستطلاع: إن لها ذلك، وقال 38%: إنه لا ينبغي لها ذلك، ويرى حوالي 55% من المستطلعين أن هناك فرصة ضعيفة أو متدنية للغاية بأن تمضي «إسرائيل» في خططها لضم أجزاء من الضفة الغربية هذا العام.
وعلى ذلك، فإن القول بأن اتفاقيات التطبيع ستوقف الضم ليس إلا وهماً، وزعماً لنصر أجوف لا وجود له على أرض الواقع، وهو جزء من استراتيجية التأجيل والتخدير الإسرائيلي، وهذا ما أكده رئيس وزراء الكيان الصهيوني حين صرح بأن ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة «مؤجل» لكن «إسرائيل لم تتخل عنه»!
[email protected]