أكتب هذه المقالة يوم الأربعاء بعد وفاة الوالدة الغالية «أم ناصر» مباشرة، أكتبها بألم وأنا أنظر إلى بطاقتها المدنية والتي يجب أن أسلمها إلى إدارة المواليد والوفيات مع الأوراق الثبوتية الأخرى لاستخراج شهادة وفاة، أنظر إلى الصورة وكأن جسمي بدأ بالضعف.
كرهت يوم الأربعاء.. لأنه حرمنا من نظرتها إلينا عندما كنا نناقش شقيقنا الأكبر «ناصر» وكيف كانت تدافع عنه على اعتبار أنه الأكبر بيننا وكنا نقول لها: تدافعين عنه لأنه ولدچ الكبير وإحنا مالنا أهمية عندچ ونضحك على غضبها العفوي.
كرهت يوم الأربعاء.. لأنه حرمنا من محاتاة الوالدة من عدم حضورنا ليوم الزوارة من كل يوم جمعة وتحسين بضيقة من عدم حضور اي واحد فينا وتشعرين بسعادة كبيرة إذا شفتينا متواجدين حولچ.
كرهت يوم الأربعاء.. لأنه حرمني من سماع «طفارتي» وأنا صغير والتي مازلت ترددينها كلما شفتيني رغم إنه أصبح لي حفيد وأستمتع بسماعها لأنك مازلت ترين ابنك صغيرا مهما كبر.
كرهت يوم الأربعاء.. لأن العيد القادم ورمضان القادم وكل مناسبة قادمة لن تكوني معنا تسعدين بشوفتنا وتفرحين بشوفة عيالچ وزوجاتهم وأحفادچ وأولاد أحفادچ وكل من يسعد بشوفتچ من خالاتي وعيالهم.
أمي الغالية.. لقد تحملت ألم المرض صابرة كما كنت في حياتك قوية وكنت تتحملين الألم حتى لا تشعرينا بتعبچ ونتعب لألمچ، لقد كرهت مرض السرطان واشعر بأنه ألد عدو في حياتي لأنه قضى عليك دون رحمة وفي عز مرضچ كنت تسألين عن كل واحد فينا: وين فلان أو فلانة، لقد أصبحت غرفتك مليئة بالزائرين لدرجة أن الجناح قد تعب من إزعاجنا دون أن يعرفوا أن ذلك الإزعاج هو راحة أمي الغالية.
أمي الغالية.. ألم الفراق صعب جدا وكانت هي المرة الأولى التي نجتمع جميعا ونحن نراك تنازعين الموت والكل يبكي ويطلب الرحمة لك دون أن نتمكن من فعل شيء فكما جمعتينا في حياتك وأثناء مرضك وأيضا حين وفاتك لأن فقد الأم لن يشعر به أحدا إلا حينما يفقده، تحملت مسؤولية تربية عشرة أبناء بعد وفاة والدي فكانت مسؤولية كبيرة تحملتيها بكل سعادة وحب، فكنت صابرة في حياتك وحتى في مرضك وكنت محتسبة الأجر رغم أن شدة المرض وآلامه أقوى ولكنك تحملتيه حتى لا نتألم معك.
أمي الغالية.. موتك سبب لنا الموت بفقدك كل ليلة، إن عقلي ينكر رحيلك يفتقد الجميع أحضانك بشدة، وصحيح أنك رحلت إلى من هو أحسن منا جميعا ولكنك ستبقين حية في قلوبنا، وسيبقى يوم الأربعاء الساعة الثانية فجرا هو أسواء يوم في حياتي ولهذا سأكرهه إلى الأبد لأنه سرق مني أمي الغالية أم ناصر..