الحياة أقصر مما كنا نظن فلا نغتر بها، كنت بصراحة ناوي أكتب مقالة أخرى، ولكن عندما قرأت هذه القصة هزتني فقررت أن أكتبها لما فيها من عبرة.
بطلة قصتنا هي فتاة «ابتليت» بمرض منذ طفولتها وعاش معها فأصبح «توأمها» في كل تحركاتها وكانت تلك الفتاة جميلة كجمال البدر في ليلة «15» وزاد من قسوتها بأن مرضها منعها من أن تعيش مرحلة طفولتها فأصبح الأطباء «أصدقاءها» والأدوية «ألعابها»، وكلما كبرت يكبر معها مرضها ويزيدها ألما ومع ذلك كانت متمسكة بدينها وأخلاقها عالية وحرصت على التعلم والدراسة رغم أن مرضها يجبرها على أن تنام لفترات طويلة في المستشفى وهكذا هي حياتها بين المرض والأطباء والدراسة.
وأراد ربها أن يعوضها خيرا على صبرها فجمعها مع شاب «خلوق» قد رآها في المستشفى وهي تراجع لتتلقى علاجها فأحبها منذ النظرة الأولى ودخلت «قلبه» وتقدم لخطبتها رغم علمه بأن مرضها خطير، ولقد أحبته كذلك أفلا يحق لها أن تحب وتتزوج وتنجب أطفالا وتعيش حياتها المتبقية بسعادة بعد أن عاشتها بمعاناة وآلام؟ واستطاع هذا الشاب أن يكسب قلب الفتاة ووقف معها مما كان لوقفته أثر طيب في تخفيف معاناتها الطويلة، وتبدأ الاستعدادات لحفل «الزفاف»، حيث وعدها خطيبها بأن يكون عرسها مميزا.
وذهبت تلك الفتاة مع خطيبها لرؤية فستان العرس عند الخياط وكان ذلك الفستان قد نال إعجابها وكان على «فاترينة» المحل وكانت سعيدة بأنها سوف «تلبسه» بعد أيام قصيرة لأنها اكتشفت بأن الحياة قد ابتسمت لها أخيرا، ولبست الفتاة الفستان الأبيض لتجربته وظهرت وكأنها «ملاكا» هكذا قال لها خطيبها فردت عليه: بل سأكون أسعد «ملاكا» لأنني ارتبطت بشخص مثلك، وكان الفستان بحاجة إلى «تعديل» وسيكون جاهزا في نفس صباح يوم الزفاف أي بعد ثلاثة أيام، وفي صباح يوم الزفاف اتصل خطيبها عليها ليخبرها بأنه ذاهب ليحضر الفستان من محل الخياط فكانا سعيدان بزفافهما.
وبينما كان يقود خطيبها سيارته بسرعة عالية فرحا بتلك المناسبة اختلت السيارة فانقلبت به عدة مرات وتم نقله بالإسعاف ولكنه توفي قبل وصوله إلى المستشفى، وتم الاتصال على محل الخياطة يسألون: هل حضر فلان إلى المحل فلقد تأخر كثيرا؟ فقالت لهم: بأنه لم يحضر لكي يتسلمه، فقالوا لصاحبة المحل: ان تخبر الشاب بأن خطيبته قد اشتد عليها المرض وتم نقلها إلى المستشفى وكان ربها رحيما بها لكي لا تتألم وتعاني عند سماع خبر وفاة خطيبها فلقد توفيت قبل أن تعلم عن خبر وفاة خطيبها.
وأصبح ذلك الفستان معلقا على واجهة المحل الذي لن يلبس إلى الأبد ويحكي قصة الفتاة الحزينة لكل من يراه. وعسى ربي يجمعها في جنات النعيم، اللهم آمين.
[email protected]