جمعتني الصدفة الحلوة مع العم «بومصعب» في أحد الأعراس بفنادق الكويت، ودار حديث بسيط حيث قال لي إنه عايش مرتاح في مزرعته بالوفرة بعد «تقاعده» وسوالفي مع «الربع» دائما إما عن «النخلة» والذي يشتهر بزراعتها وإنتاجها وكيفية الاهتمام بها أو عن «الصخله» والعناية بها، ويقصد بشكل عام «الماشية»، ويضيف بومصعب: شفت تلفوني الآيفون 10؟ وشاهدته فإذا هو تلفون «بوليت» فقال لي: ما عندي واتساب ولا أي وسيلة للتواصل الاجتماعي، وللعلم أي واحد يمرني ممنوع السوالف عن السياسة أو الكورة أو أي شيء آخر، وما في أحد يمسك تلفونه إذا مرني بالمزرعة، نبي نرتاح من كم الضغوط اللي نعيشها، فوجدتها فرصة لأكتب عن حال الأغلبية من المتقاعدين بعد تقاعدهم من الوظيفة.
٭ بعد التقاعد: البعض يعيش حالة من الكآبة وتحوشه الأمراض والملل.. لأنه كان يوما ما مسؤولا كبيرا ومهما والكل يحتاجه ويتصل عليه طلبا لـ «واسطته»، ولكن بعد تقاعده أصبح «هاتفه» نفس تلفون البيت محد يستخدمه وأصبح على الهامش وما يدري عنه سوى أصدقاؤه المقربون، كذلك هناك من يطلقون عليه مسمى «نچري» الجمعية في منطقته ويتحلطم على كل شيء ويسأل دائما: ليش الصابون الفلاني مو موجود؟ وليش الخبز مال أمس... حاط دوبه ودوب الجمعية، وهناك من أصبح مثل اللاعب ميسى فنان في توزيع «الواتسابات» على الكل وتلقاه في كل قروب مشترك ويدز ألف واتساب في اليوم على القروبات.
٭ بعد التقاعد: تلقاه «يناچر» الخدم «على كل صغيرة وكبيرة» لأنه بدأ يرى كل شيء أمامه بعد أن كان بعيدا عن كل شيء أثناء عمله، والبعض يستمتع بالذهاب للكراجات لتصليح سيارات «البيت» أو يراجع بشكل مستمر وزارات الدولة لتخليص معاملاته ويصبح وكأنه مراسل، وهناك من يبدأ بمراجعة المستشفيات للاطمئنان على ما تبقى من صحته على حساب «عافية» ويحللها عدل «العب يلا»، حتى أن أغلب المستشفيات والعيادات الخاصة أغلب مراجعيها من المتقاعدين.
٭ بعد التقاعد: يبدأ البعض بإزالة مخلفات «الكرش».. فيبدأ بالذهاب للنوادي الصحية للاعتناء بصحته، والبعض الآخر يبدأ برياضة المشي في بعض المجمعات الشهيرة، وهم أفضل من «غوغل» ما شاء الله بمعرفة أسماء المحلات والمقاهي في المجمع لأنهم يوميا يمشون هناك فبالتالي لو تسأله: وين الكافييه الفلاني؟ يقولك: بعد خامس محل تلقاه على اليمين.
٭ بعد التقاعد: البعض يبدأ بالدخول لمراكز حفظ القرآن وكذلك هناك من يبدأ بالقراءة ويتابع بشكل مميز لصفحة «الوفيات»، وأيضا هناك من يرجع إلى هوايته القديمة والتي كانت الوظيفة تمنعه من مزاولتها، كما أصبح البعض عضوا اساسيا في الدواوين الليلية علشان الچنچفة «ويسري» قبل صلاة الفجر والبعض أصبح سائقا لعياله أو لأحفاده وخاصة للمدارس.
أخيرا.. أشكرك بومصعب على دعوتك للربع لتناول العشاء في مزرعتك بالوفرة وسنلبي دعوتك في القريب العاجل بإذن الله.
[email protected]