عزيمة «محفوفة» مع كم صديق في ديوانية «بوسلمان» وكان الغداء عبارة عن مرقة بامية وعيش مشخول مع لبن «بقر» بارد ومعبوش، أما طريقة «أكلنا» فكانت قفشة مرق بالعيش، والقفشة الثانية فيها مرق «بحلجك» من لذتها، وبعد ما خلصنا الصينية كلها علينا «بالعافية» تساءلنا جميعا: البامية مالتكم لذيذة شنو السبب؟ فأجاب: والدتي الله يطول بعمرها مشهورة بهالطبخة بين «حريم» العائلة ولها «نفس» بالطبخ ولعلمكم يالربع هالطبخة «بايتة» ويقصد بأنها تركت بالثلاجة لمدة يوم لكي تصبح ألذ مما لو أكلناها في نفس اللحظة لا أعرف «شخصيا» السر في ذلك!
في شعوب تشتهر «بالنفس» في طبخة معينة، فعلى سبيل المثال: أهل الزبير يشتهرون «بالدولمة» وأقصد بها ورق العنب ومرق «الشبزي»، الشعب المغربي يشتهرون بطبخة اسمها «طاجن باللحم» أما أهل الكويت فيشتهرون بـ«مطبق زبيدي» و«المجبوس»، وفي مصر يشتهرون بـ«الكشري».. وهكذا فمعناته ان هناك شعوبا اشتهرت وتخصصت في أكلات معينة فانفردت وتميزت بها، فالطبخة وإن عرفت مقاديرها فهناك لمسة سحرية لا يمكن تقليدها إطلاقا إلا أهلها.
مناسبة هالكلام أننا نرى أكثر الشباب حاليا يفتحون مشاريع مشابهة كـ «القهاوي» مثلا فالقليل ينجح والأغلبية تفشل لأن هناك من وضع «لمسته» فانفرد بها عن غيره أضف إلى ذلك «منتخبنا» الوطني لكرة القدم في العصر الذهبي كان كل لاعب له لمسة سحرية انفرد بها عن غيره فاشتهر بتلك «المهارة»، أما حاليا فلا يوجد له طعم ولا متعة، فلا يوجد «لاعب» له لمسة سحرية تجعله ينفرد عن غيره فالكل سواسية في المستوى فأصبحت نكهته «ماصخة»، كما كان هناك مطربو وفنانو الزمن الجميل الذين انفردوا بأدائهم وتميزوا وأصبح كل واحد له «كاريزما» وصعب تقليده وحتى الكومبارس كان له «نكهة» وبصمة عكس أغلب الفنانين الحاليين من الشباب فالكل يتشابه بالصوت أو الأداء.
أخيرا.. لتكن لك لمسة «سحرية» في حياتك لا ينافسك فيها أحد لكي تصبح مميزا عن الآخرين سواء بأسلوبك أو شخصيتك أو مظهرك أو ضحكتك.. كحال مرقة بامية أم سلمان، أما مقادير «المرقة» فهي كالتالي: لحم غنم عربي، بامية طازجة، لومي «أسود» شوية ثوم وطماط، بهارات، ملح خشن، كمون ناعم، بطاطة كبيرة مقطعة، فلفل أسود، وبالعافية عليكم جميعا، ومشكور أخوي بوسلمان على الغداء الطيب والشكر موصول للوالدة، الله يحفظها، وأرجو أن تكرر عزيمتك، واحرص أيضا على أن تكون مرقتكم «بايتة».
[email protected]