منظر «جميل» لامرأة كويتية شاهدتها في شارع «الغربللي» عمرها تجاوز الثمانين عاما تشتري أغراضا من محل الحلويات لفتت نظري بمفرداتها الكويتية القديمة ولبسها العباية و«البوشية» التي تغطي وجهها من رؤية الناس لها وكأنها متمسكة بذلك الثراث القديم وتحن إليه عندما كانت صغيرة ووالدتها «تخانقها» من رؤية الناس لها لأنه «عيب»، هذا المنظر ذكرني بحريم فريجنا، الله يرحمهن برحمته، وكيف كانت سوالفهن.
تلك الأحداث شاهدتها بعيني لأنني كنت صغيرا وكنت «ألف» الخبزة الإيرانية مع الرهش وأقعد أسمع سوالفهن الحلوة.
كانت هناك عادة لحريم الفريج بأن يجتمعن في بيت إحداهن وعادة ما يكون ذلك التجمع «الحريمي» في الحوش ويسمى بشاي «الضحى» علما بأنه من المفروض أن يكون ذلك التجمع يحتوي على الشاي فقط لأن اسمه شاي الضحى، ولكنه اسم على غير مسمى! هذا اللقاء «النسائي» يكون التواجد ما بين الساعة التاسعة إلى العاشرة صباحا، وذلك اللقاء «يكون مقتصرا» على بعض «نساء الفريج» ويحتوي شاي الضحى بعد أن يفرشن «السفرة» في الحوش فيأتين بالمحتويات التالية وهي جميعها «دايت» مثل (نخي، باجيلا، رهش، سمبوسة، خبز إيراني، بقل، رويد، قرص عقيلي...) وبالأخير يأتي المسكين الشاي!! ذلك التجمع هو مشروع «حش» عالخفيف يتحدثن فيه عن فلانة ولدت بالفريج اللي يمنا لازم نروح ونعطيها هدية، أو فلانة مريضة لازم نروح نزورها ونشوف شنو تحتاج، أو فلانة «تهاوشت» مع زوجها ما تستحي، أو فلانة وهذي ما يحبونها كلهم تاخذ «جدورنا» وما ترجعها يعني «تبوقها» لحد يعطيها شي، وفي هذه اللحظة يأتي بياع الخام وهو رجل من «المهارة» يحمل «بقشة» ليبيع لهن بالأجل وبعد أن يشترين منه يرجعن إلى سوالف «الحش» عن كل ما جرى بالفريج من أخبار وأحداث، وقبل صلاة الظهر يذهبن إلى بيوتهن من أجل تكملة طبخهن بعد أن يقولن كلمتهن المشهورة: كيفهم وإحنا شكو فيهم!!
أخيرا... الله يرحمهن برحمته كن حريصات رغم بساطتهن على الالتقاء بشكل يومي، وكن دائما يحمدن الله على نعمه الكثيرة رغم بساطة الأكل وأن يحفظها من الزوال والنفوس طيبة كانت، لقد كان «واتساب» نشط وجميل في ذلك الزمان.
[email protected]