سامي النصف
ما قام به صـاحب السمو الأميـر، حفظه الله، من إطفاء نار فتنة أخرى عبر لقائه نواب الكتل المختلفة ثم جمعهم في دار سلوى وإصرار سموه على إزالة أي جفوة بين النواب ثم طلبه إعطاء الحكومة سنة حتى تعمـل ثم محاسبتها بعد ذلك لا قبله، هو عمل خير ونطق سام اختزل به سموه ما يجول في خواطر أهل الكويت جميعا.
وضمن ضمان مستقبل أجيال الكويت القادمة كان طلب سموه من النواب أن يفكروا بالغد عبر الحد من الطلبات المالية التي تتجاوز كلفتها 4 مليارات دينار في وقت ستتعرض فيه الميزانية العامـة للدولة، التي يعتمد عليها أهل الكويت جميعا في معيشتـهم، لعجوزات مالية ضخمة متى مـا انخفض سعر النفط عن 46 دولارا للبرميل، وهو أمر محتمل جدا في المقبل من الأيام.
وقد نطق سمـوه كذلك باسم أهل الكويت جميعـا وهو يدعو النواب الأفاضل لإبداء آرائهم بحرية تامة حـول مشاريع ومقتـرحات وقوانين الحكومة لتنقيـحها وتعديلها بما يخدم المصلحة العامة بدلا من الوقوف أمامها وتعطيلها، فقد بات من المحزن جدا أن يشار في الخليج والمنطقة العربـية لتجربتنا الديموقراطية الرائدة وكأنها ما يعرقل قضـايا التنمية والتطور في البلد في وقت تسابق به الدول الزمن للحاق بقطار العصر وضمان مستقبل آمن لأجيالها المستقبلية.
وقد رد النواب الأفاضل التحيـة بمثلها عـبر ثنائهم على لقـاءاتهم بصاحب السمو الأمـير، والواجب أن تبدأ سريعـا ترجمة ذلك الشكر إلى عمل فـاعل يشهده ويرقـبه الجـميع بالداخل والخـارج عبـر تقـديم المشاريع الاسـتراتيـجيـة التي اقترحتها الحكومة لمناقشتـها وإبداء الملاحظات عليها تمهيدا لإقرارها والعمل بها، ودون ذلك فلن يرحم التاريخ من جعل أو سيـجعل المواطن الكويتي ينفث الزفرات الساخنة حـسرة على بلده ومـا يجري به كلمـا شاهد إنجازا بـاهرا لدى الآخرين، تعزيزا للمقولة السائدة هذه الأيام «حسافة عليچ يا كويت».
ومما نحتـاجه بصـورة ملحة خارطة طريق جـديدة لمثلث علاقـة الحكومة والنائب والناخب بعيدة كل البعد عن الخـارطة القديمة التي ثبت أنها احد أسباب المشاكل التي تعـرقل عمليات التنمـية في البلد، فمن ناحـية الحكومة عليـها وهي تضع برامجـها ومشـاريعها الواقـعية الطـموحة أن تعـمد جاهدة لدعم عـمليات تسويق تلك المشـاريع التي تهدف في النهاية لطمـأنة المواطن حول مصيـر موارد الدولة وخلق روح تفاؤلية لديه حول مستقبل الكويت.
كما أن على النائب أن يسـاهم بترشيد توجه الناخب للمزيد مـن الموضوعية في الطرح والاعتدال والعقلانية في المطالب بدلا من ثقـافة التثوير وتسويد الدنيا أمامه، التي تدفع المواطن للاعـتقـاد أن البلد «رايحة فـيهـا» وان جميع المـشاريع التنموية غير صـالحة وجميع المسؤولين فاسدون، فالدنيا والـكويت معها مازالت بألف خير.
وعلينا كناخـبين ومواطنين ضـمن الثـقافـة الجديدة المحـافظة على كرامـة النواب الأفاضل وإعطاؤهم، خـاصة الجـدد منهم، فرصـة العـمل ـ كحـال إعطاء النواب الحكومـة فرصـة العمل ـ لا أن يطلب منـهم التواجـد كل ليلة في الدواوين محاسبتهم، أو مـصاحبتهم كل صباح في جولة على المسـؤولين لتحقيق مطالب لا تقبل بهـا القوانين أو مبـادئ الدولة الحديثة الـتي تحكم إداراتها القوانين المرعـية التي تضمن لكل صاحب حق حقه.