سامي النصف
نحتـاج من علماء الاجـتماع في الكويـت البحث في ظاهرتين طغـتـا على الحـيـاة هذه الأيام أولاهمـا وفـرة المطالبات الماليـة لدى جميع القطاعـات العاملة في الدولة وقلة الواجبات، فالجمـيع يطالب ولا أحد يتحدث بالمقابل عن واجـباتهم تجـاه الوطن في وقت تظهـرفـيه الأرقـام انحدارا عاما للأداء في البلد.
بعض إشكالات تلك المطالـبات غـير المبـررة تخلق «شعورا كاذبا بالظلم» يؤدي إلى الإحباط والتذمر الدائم، كحـال من اقتـرضوا أمـوالا من البنوك وإبان سدادهـم ما عليهم ظهرت على السطح مطالبات غيـر عقلانية لإسقاط تلك الديون، وعند الإخفاق الطـبيـعي لذلك المطلب غيـر الطبـيـعي سـادت حالة مـن الغضب والـشعـور بعـدم الإنصاف.
الظاهرة الأخـرى التـي تحـتـاج للدراسـة هي كم الخـلاف فـي المجتمع الـكويتي الذي طغى فـي عـدده ومسبباته غير العقلانيـة على جميع المجتمعات الأخرى، فالأسر والإخوان والأقرباء في حالة خلاف شـديد تظهر عوارضـه فيمـا ينشر على صفـحات الجرائد من قـضايا وحجوزات ومحـاكم، ولو بحث في جذور تلك الصراعات لما وجد في الكثير منها ما يستحق ذلك الخلاف.
ومن ذلك مـا رأيناه فـي السـابق من خـلافـات بين الوزراء أدى بمن يـفـتــرض أن يكونوا «دســتــوريا» متضامنين كحال وزراء الدول الاخـرى الى الكيد لبعضهم البعض عبـر التسريبات الإعلامية والاستجـوابات، كما امتـد الخلاف الـشديد إلى الكتل والنواب، حـتى أن بعض الاستجوابات قد تمت على معطى كـيد كتلة نيابية لوزير جل ذنبه انه مقرب من كتلة نيابية اخرى.
وقد امتد الاختلاف للأسر الاقـتصادية التي تشتهر في العـالم اجـمع بتكاتفـها الـذي تفرضـه مـصـالحهـا المشـتركـة، ثم انسـحب إلى النخب الفكرية والثـقـافيـة والإعلامية والدينية فيما رأيناه منشورا في الصحف ومما يجري لـدى أساتذة الجامـعة ولدى الأطباء والمهندسين والمحامين والطيارين والإعلاميين ورجال الدين بشكل لم نلحظ مثله في صحف دول أخرى، مثل أميركا وبريطانيا، التي يبلغ عدد سكـانها 400 مليون نسـمة في وقت لا يزيد عـدد سكان «أسرتنا الـكويتيـة الواحـدة المختلفة» على مليون نسمة.
ومـادمنا في السكان، تكشـف أرقام الأمم المتـحـدة وصندوق النقـد الدولي الرسـميـة عن زيادات مـخـيفـة للسكان في الكويـت بشكل لا مثـيل له في العـالم اجـمع، حيث تقارب 7% في العـام في وقت لاتزيد بالمعدل على 1% لدى الدول الاخـرى، مما سـيـجـعل عدد سـكاننا يبلغ 4 ملايين نسمـة خلال الثلاثة أعوام المقبـلة على نفس رقعة الأرض ولربما نصف الموارد حـال الانخـفـاض المتـوقع لأسعار النفط والتعثر المعتاد لخطط التنمية التي يفترض ان تخلق البـدائل لمـداخيـل النفط، مما يمهـد لمضـاعـفـة إشكاليات الجريمة والبطالة والازدحـام المروري ولربما حتى تفشي الفقر.
آخر محطة :
قد يكون عـددنا ككويتيين أقل مـن مليون ولكننا ننتـشـر في العالم بشكل أكـثـر من جيـد، واليكم الأمثلة التـي تثبت ذلك: العمليـات الإرهابية الأخـيرة في الجزائر حـدثت على بعد 300 مـتر من السيـد عبـدالعزيز البـابطين الذي كـان في طريقـه للمطار، أحداث المغـرب الأخيـرة حدثت كذلك بالـقرب من السيـد عصام الصـقر، أحداث جـامعـة فيرجـينيا تمت في المبنى الذي يـقيم به الطلبة الكويتيون، وخطاهم جميـعا السوء وما يشوفون شر.