سامي النصف
وصلت من المطار بعد اجازة جميلة في روابي مصر مباشرة الى استديو اوربت للمشاركة في البرنامج المشوق «اوراق خليجية» الذي يقدمه الإعلامي الناجح محمد القحطاني، وكان النقاش حول قانون الأحزاب بمشاركة النائب الفاضل علي الراشد، وقد تباينا انا والأخ بوفيصل في الوسائل والاجتهادات وان اتفقنا على الرغبة الصادقة في خدمة الوطن.
مما طرحته في اللقاء ان تشكيل الاحزاب والوصول في النهاية الى شعبية الوزارة سيرسل رسالة خاطئة للدول الخليجية الاخرى واسرها الحاكمة، التي بدأت اولى خطوات الديموقراطية، بأن نهاية المسيرة تعني إبعاد تلك الاسر عن الحكم وترك الأمر للأحزاب كي تتصارع بوسائل غير سلمية كحال اغلب احزاب الدول العربية والاسلامية للوصول الى الحكم، مدمرة في طريقها عمليات التنمية في بلدانها للوصول الى ذلك الهدف.
كما بينت ان الحزبية وبعكس ما يقال لن تقضي على الممارسات السلبية التي تشهدها لعبتنا الديموقراطية من تخندق فئوي وقبلي وطائفي ونقل وشراء الاصوات... الخ، حيث ان تلك الامور قائمة هذه الايام على نطاق ضيق كما انها محاربة من السلطات، اما الحكومة الحزبية فلن تقوم بالقطع بمحاربة تلك السلبيات بل بتشجيعها وممارستها على اوسع نطاق وهو ما كان قائما في الحكومات الحزبية العربية التي اشتهرت بتزوير الانتخابات كي تبقى في الحكم الى الأبد.
ومما ذكرته في اللقاء ان اغلبية من يدعم إشهار الاحزاب يدعمها بغير علم حيث لم يطلع بشكل لصيق على التجربة الحزبية السيئة والمدمرة في العالم العربي بل والعالم الثالث، حيث تظهر الدراسات المختصة ان الأحزاب وصراعاتها وشقاقاتها وقياداتها المزمنة هي من ساهم بشكل كبير في تعطيل عمليات التنمية في الدول المبتلاة بحزبية العالم الثالث التي لن تكون حزبيتنا، للعلم، بعيدة عنها.
وقد أوضحت ان الحزبية هي انعكاس لواقع مجتمع، فإن كان المجتمع كحال الدول المتقدمة ليس مبتلى بالتخندقات والأمراض المختلفة ظهرت الحياة الحزبية سليمة، اما مجتمعاتنا المتخندقة فستعكس واقعها بالقطع على الاحزاب التي ستنشأ، بل وستقنن تلك الامراض كي تبقى الى الأبد، كذلك لن يكون هناك تبادل للسلطة أبدا في نظام الاحزاب، كحال الدول المتقدمة بل سيسخر الحزب الحاكم، كحال التجربة العربية، كل موارد الدولة واجهزتها الامنية للبقاء في السلطة الى الابد.
وتظهر التجربة الحزبية العربية التي لن نكون بعيدين عنها ترسخ مبدأ «الاستباحة» حيث ستستباح جميع الوزارات كما ستستباح الميزانية العامة للدولة من قبل الحزب الحاكم وستستخدم الاموال او ما تبقى منها لشراء رضا الأتباع وستتضرر الشرائح الصغيرة في المجتمع من كافة الفئات من غير المنتمين للحزب الحاكم وهذا ما كفر الشعوب العربية بالاحزاب وهو الكابوس لا الحلم الجميل القادم مع اشهار الاحزاب لدينا.
آخر محطة:
زرت بالأمس الشيخ ناصر صباح الأحمد وقد وجدت عنده جميع ألوان الطيف الاجتماعي والسياسي الكويتي، حيث يشعر الجميع بأن افراد الاسرة الحاكمة على بعد واحد منهم جميعا، لذا لا أرى حكمة او صحة لتعطيل ذلك الدور الهام واستبداله بخندقة حزبية لن ينتج عنها الا الشقاق والتناحر والافتراق والتحول تدريجيا الى مشروع «لبننة» او «عرقنة» او «كوتنة» قادمة!