سامي النصف
يتكلم البعض عن عشرات الاستجوابات التي تقدم في البرلمان المصري، او غيره من البرلمانات، واحيل هؤلاء لكتاب المحررة البرلمانية المصرية سوسن الجيار «استجوابات نص الليل» الذي اثبتت فيه ان جميع الاستجوابات لديهم يتم نقاشها والبت فيها في دقائق مع قرب انتهاء الجلسات المسائية عند منتصف الليل وابان مغادرة نواب الاقاليم الى مناطقهم. اعطونا مثل تلك الاستجوابات التي لا تعطل شيئا ولا ينشغل بها احد ولا مانع من ان يقدم مثلها العشرات في كل جلسة.
وبعيدا عن الاستجواب الحالي ومقدمه النائب الخلوق د.سعد الشريع لا نعلم حقيقة من الذي ابتدع الطابع الاحتفالي الضار المتصل بتقديم الاستجواب في بلدنا ومعه من أسمى الاستجواب بـ«عرس النائب» والاجدر ان يسمى بـ«مأتم الوطن» كونه يعطل الاعمال ويسيء للعملية السياسية ويعرقل مصالح المواطنين، واحدى البدع المستحدثة التقاط صور المستجوبين وهم يقدمون صحيفة الاستجواب وكأنها وثيقة استقلال اميركا او استسلام اليابان او فتح القسطنطينية، صرنا طماشة!!
ومع ابتعاد كتلة العمل الشعبي المشكورة عن الاستجواب الحالي ومثلها كتلة العمل الوطني واحتمال ان تقف الحركة الدستورية وكتلة المستقلين على الحياد (لهم وزراء في الحكومة) ومعهم بعض السلف، ما يعني ان الاستجواب سيتوقف قبل طرح الثقة بالوزيرة، المرجو الا تحدث اخطاء حكومية جسيمة تلخبط الحسبة وان ينظر لخيار التحول للمحكمة الدستورية بصورة صحيحة وبعد التشاور مع حكماء المجلس، يبقى ان تأجيل البت في قرار التجنيس لحين الانتهاء من الاستجواب لانشغال الحكومة به يظهر حنكة ولربما خبثا سياسيا.
وهناك 40 استجوابا تمت في الحياة البرلمانية الكويتية الممتدة لنصف قرن قابلها مئات النواب الذين نجحوا في الانتخابات النيابية مرات ومرات دون ان «يستجوبوا» احدا، وعكسهم نواب سقطوا في الانتخابات اللاحقة للاستجوابات التي تقدموا بها مما يدل على خطأ النظرية القائلة بأن الاستجواب هو مفتاح النجاح في الانتخابات.
يطرح البعض تساؤلا عن سبب الخوف من الاستجواب وهو اداة دستورية وقد يكون الرد الفوري: ولماذا الخوف بالمقابل من الحل الدستوري وهو اداة دستورية كذلك؟! ان الاستجوابات في الكويت تختلف عن الاستجوابات في الدول الاخرى واغلب استجواباتنا، وخاصة المطولة منها، تتم وبعض النواب غائبون في الاستراحة او يسولفون او مشغولون بإنجاز المعاملات، ولكن ما ان يتم طلب طرح الثقة حتى تجد ان اول المصوتين بالإيجاب او السلب هم الغائبون ممن لم يستمعوا للرأي والرأي الآخر فكيف يصوتون؟ لست ادري!
نود ان يكون الاستجواب الحالي هو آخر استجوابات «الكرنفال السياسي» وان يرجع الاستجواب الى اصله كسؤال برلماني مغلظ، حالنا حال البرلمانات الاخرى وهل «حلم» احد بأن يرى النواب الانجليز والفرنسيين واليابانيين وغيرهم وهم يقومون بحملات لدعم الاستجـوابات او الاعتراض عليها؟! الرجاء اطفاء الاضواء مستقبلا عن الاستجوابات حتى تؤدي الغرض الحقيقي منها بعد ان انحرفت بعيدا عن مقاصدها الخيّرة وان تعتاد الحكومة على اعفاء الوزراء المتجاوزين...
آخر محطة:
الاستجوابات ومثلها الاضرابات في بلدنا اصبحت للأسف كالدواء الاكثر ضررا من الداء.