سامي النصف
عندما تهدد ايران باغلاق مضيق هرمز يتبادر للأذهان اغلاق مصر لقناة السويس عامي 56 و67، والواقع ان هناك فارقا كبيرا بين الاثنين، فالقناة تمر وسط الأراضي المصرية وهي ملك لها بينما يعتبر مضيق هرمز قانونا من «أعالي البحار» فلا تملك ايران حق اغلاقه او حتى وضع شروط او حصد رسوم للمرور فيه، كذلك فعرض قناة السويس لا يزيد على 190 مترا مما يجعل من السهولة اغلاقها عبر اغراق سفينة او سفينتين فيها بينما يبلغ عرض مضيق هرمز 34 كم ولو أغرقت ايران جميع سفنها فيه لما نجحت في عرقلة الملاحة فيه.
ولو حاولت ايران اغلاق المضيق بالصواريخ والسفن السريعة فسيمكن خلال ساعات او أيام قليلة تدمير جميع مواقع الصواريخ واغراق السفن المغيرة، وللمعلومة لو كانت لإيران القدرة على اغلاق مضيق هرمز لقامت بذلك الامر ابان الحرب العراقية - الايرانية عندما توقف تصدير نفطها تماما وكانت لديها رغبة ملحة آنذاك في إيقاف تصدير النفط الخليجي الا انها لم تنجح الا في زرع الألغام البحرية في مياه الخليج، وللمعلومة ايضا تصدر هذه الايام ايران 4.2 ملايين برميل تدر عليها ما يقارب 750 مليون دولار يوميا وبذلك تصبح هي المتضرر الأكبر من اغلاق مضيق هرمز.
واذا ما علمنا باستحالة اغلاق المضيق يصبح من غير الحكمة بالتبعية محاولة مد انابيب لـ 1200 كم حتى نصدر نفطنا عن طريق البحر الأحمر أو بحر العرب والأفضل من ذلك ان نفكر في بدائل رخيصة قصيرة المدى كتخزين النفط في ناقلات خارج المضيق لفترة محدودة عند وقوع الأزمات او عقد اتفاقات مع السعودية والامارات لبيع نفطهما باسمنا عن طريق «الإعارة» ثم نقوم برده في وقت لاحق مع الفائدة، او ان نتقبل العيش دون تصدير نفط لأيام قليلة حتى تقوم الدول الكبرى بتأمين الملاحة الحرة عبر المضيق.
وتتحدث الجارة ايران عن تخصيب اليورانيوم، والحقيقة الجلية انه لا فائدة على الاطلاق لايران من ذلك التخصيب في جانبيه العسكري والمدني ومن ثم لا يستحق تعريض الشعب الايراني لمخاطر الحصار والحرب لأجله، ففي الجانب العسكري والاستراتيجي لن تتملك ايران أسلحة نووية وصواريخ متطورة أكثر مما تملّكه الاتحاد السوفييتي في السابق والذي لم تفده ترسانته تلك بشيء حيث انهار وانفصلت عنه أراضيه على شكل جمهوريات مستقلة واضطر للانسحاب من أوروبا الشرقية وسقط فكره الايديولوجي ومحاولته تصدير ثورته لخارج أرضه، كما تملك ايران مخزونا هائلا من النفط والغاز ومن ثم لا تحتاج للمفاعلات لانتاج الطاقة النووية التي توقفت الدول الصناعية عنها بسبب مخاطرها الكبرى على البيئة والسكان.
لقد قام النظام الايراني بممارسة خطرة لسياسة «حافة الهاوية» واستفاد خلال السنين الماضية من تلك السياسة حيث ارتفعت اسعار البترول من 50 الى 150 دولارا وحصل على اعتراف دولي بدوره الاقليمي كما حصد الحوافز من الاتحاد الأوروبي، وجميع تلك المكاسب ستذهب هباء حال سقوط النظام الايراني في الهاوية بدلا من التوقف على حافتها كما حدث في الماضي مع جميع الأنظمة الثورية في المنطقة حيث ان قدرات ايران العسكرية لن تمكنها من الصمود في حال نشوب الحرب بسبب تعنتها ولن يفيدها حلفاؤها في المنطقة حيث تسيطر الحكومة العراقية الحليفة لأميركا على الأوضاع في الجنوب ولن يخاطر حزب الله بادخال لبنان مرة اخرى في حرب مدمرة لصالح ايران تقضي على ما تم تعميره في السنتين الماضيتين كما ان سورية مشغولة بالمفاوضات مع اسرائيل والحال كذلك مع حركة حماس.
آخر محطة:
(1) أي مواجهة أميركية - ايرانية سينتج عنها خسارة ايران عسكريا واميركا سياسيا ومن ثم لا فائدة للطرفين من الحرب.
(2) لا تحتاج القوى الدولية لأي قواعد خليجية لضرب ايران حيث تتكفل بذلك ناقلات الطائرات الموجودة بكثافة في المنطقة، هذه الحقيقة لن تمنع ايران من توجيه غضبها نحو دول الخليج مهما فعلت، كونها لن تستطيع بالقطع ضرب العمق الأميركي او حتى الاقتراب من بوارجها الحربية لذا فلنعض بالنواجذ على تحالفنا مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي فالنتيجة واحدة وقفنا مع أميركا أو لم نقف.
(3) ان نضرب لشيء عملناه خير ألف مرة من أن نضرب لشيء لم نعمله.