سامي النصف
الاستجوابات هي القاسم المشترك في جميع الأزمات السياسية التي مرت على البلد وانتهت اما باستقالة الوزارة او حل المجلس، كما اصبح البعض منها وسيلة للاسترزاق والتكسب المالي دون الاهتمام بما يحدث لمشاريع البناء والتنمية المتوقفة، وعليه فإن بقاء الاستجوابات على ما هي عليه دون تغيير يعني ان نرى قريبا ازمات متلاحقة اشبه بالزوابع والسرايات.
ونتذكر التزام الجميع بحكم المحكمة الدستورية الصادر في أكتوبر 2006 والذي نص على «الا يجوز استجواب الوزير عن الاعمال السابقة لتوليه الوزارة» وما لم يقله المخضرمون والخبراء الدستوريون ان ذلك الحكم كان ضمن الضابط رقم 16 للاستجوابات وقد سبقه 15 ضابطا آخر يجب الالتزام بها ومنها:
أتى في مقدمة الحكم التي هي جزء لا يتجزأ منه «لا يعقل ان يكون الاستجواب حقا مطلقا لا يحوطه اي حد دستوري او قانوني وقد ينقلب هذا الحق الى الضد ومن ثم فقدان صاحبه الحق فيه» اي ان الاستجواب ليس حقا مطلقا للنائب كما يشاع بل عليه ضوابط كما اتى في حكم المحكمة غير القابل للطعن.
وينص الضابط رقم «1» على «الا يتطرق الاستجواب للتجريح الشخصي بالوزير المستجوب او برئيس الوزراء» اي ان التجريح يسقط الاستجواب وتداعياته، كما ينص الضــــابط رقم «6» على ان «الاستجواب ليس مجرد تسجيــــل نقاط سياسية واذا كان للنائب حق في الاستجواب فإن للغير حقوقا قد تكون اجدى واولى بالرعاية والاعتبار، وبالتالي اذا اساء النائب حقـــه في الاستجــــواب فقد احقيته به» مرة اخرى الاستجواب ليس حقــــا مطلقا وغير مقيد للنائب.
ضابط «8» «اللجوء المتكرر للاستجواب تضييع لوقت المجلس وتعطيل للحكومة في ممارستها كما ان تكرار الاستجوابات خروج عن مبدأ الرقابة الشعبية» التكرار مضيعة فما بال 3 استجوابات في وقت واحد؟
ضابط «9» يختلف الاستجواب عن السؤال البرلماني، فالاستجواب له نتائجه التي قد تبلغ درجة طرح الثقة بالمستجوب «في الحكم رد وتفنيد لأكذوبة أخرى بأن الاستجواب ما هو الا سؤال برلماني مغلظ لذا فما المانع من ان نرى 10 استجوابات او اسئلة برلمانية مغلظة في اليوم؟».
ضابط «13» «المسؤولية السياسية للاستجواب تقع بصفة اساسية على عاتق الوزراء فرادى كون عمل رئيس مجلس الوزراء يقتصر نطاقه على رئاسة الوزراء دون ان يتولى اي وزارة».
آخر محطة:
الحل الأمثل للاستجوابات «الكيدية» مدفوعة الثمن هو تحويلها جميعا للمحكمة الدستورية التي ستطبق عليها الضوابط السابقة للتأكد من ان تلك الاداة الدستورية المهمة لن تخرج عن اهدافها الخيرة وتصبح وسيلة للاثراء السريع.