سامي النصف
رغم ان حملة الدكتوراه لا يزيدون كنسبة لعدد السكان في الكويت عن 0.01% على احسن الفروض إلا ان التشكيلة الحكومية الجديدة ضمت عددا يقارب النصف من الحاصلين على شهادة الدكتوراه من ارقى الجامعات العالمية كجامعتي هارفارد ولندن، ومنهم عميد سابق لكلية الطب، اما البقية فمن ضمنهم رئيس مجلس القضاء الاعلى ورئيس أركان الجيش وهما منصبان رفيعان لا يصلهما الا المميزون، وأما الباقون فهم من السفراء وحملة البكالوريوس أو اصحاب خبرات طويلة في العمل السياسي والمهني والاقتصادي، فهل يحمل من ينتقد التشكيل الحكومي نفس مؤهلات من ينتقدهم؟!
كما احتوت التشكيلة الجديدة على تمثيل متوازن لاغلب ألوان الطيف السياسي والاجتماعي الكويتي، فقد مُثل بها الرجال والنساء والحضر والقبائل والسنة والشيعة والاسلاميون والليبراليون.. الخ، واذا كان ثناء بعض النواب على التشكيلة الجديدة يحسب لهم كونهم ابدوا حسن نواياهم تجاهها كما ينص على ذلك الدستور في مادته رقم 50 التي تجعل «التعاون» هو الاصل في العلاقة بين السلطات، فان احدا لا يقبل النقد المسبق والحكم قبل المداولة لبعض النواب ممن هدد وتوعد وقفز على المادتين 50 و56 من الدستور ونسي انه لو شكل الوزارة بذاته لكان ناقدوها اكثر من مادحيها حيث اختلف الناس حتى على الأنبياء والرسل وقديما قيل: ارضاء الناس غاية لا تدرك.
والنائب للحكومة ووزرائها اقرب للقاضي فيما يعرض امامه من قضايا، فإن حكم قبل المداولة سقط حكمه وانتفى العدل والانصاف من قوله اللاحق، والحال كذلك مع النائب الذي يملك الاستجواب وطرح الثقة عن الوزراء، فان اعلن نهارا جهارا انحيازه المسبق ضد الحكومة او حتى ضد بعض شخوصها وقبل ان تمارس عملها سقط حقه في محاسبتها اللاحقة وجاز للمجلس لو كان يملك لجنة قيم او اداة لمحاسبة اعضائه ان يستدعي النائب لمعرفة الدوافع الحقيقية لموقفه المسبق الذي يسيء لصورة المجلس ويجعله المتسبب في تعطيل عمليات التنمية، لا الحكومة، خاصة انه قد ثبت ان بعض مواقف التأزيم السابقة كانت مدفوعة الثمن.
في أميركا وجميع الديموقراطيات المتقدمة لا يسمح باصدار تشريعات مستعجلة او انفعالية، بل تدرس جميع التشريعات بصورة متأنية فتحال من المجلس الاول للمجلس الثاني ثم تعقد جلسات استماع معلنة ويتم تلقي تقارير الخبراء وجهات الاختصاص، وهي عملية تستغرق سنوات عديدة لتحصين التشريعات من الخطأ والزلل، وفي الكويت لا يزيد زمن اصدار تشريع عن الوقت اللازم لكتابة مستعجلة على ورقة بيضاء يتم احراج النواب الآخرين للتوقيع والتصويت عليها كحال اضافة الضوابط الشرعية للمادة 35/1962 التي لو طبقت لسقطت شرعية جميع مجالس ما بعد عام 2006 ومن ضمنها المجلس الحالي لعدم تقيد «الناخبات» بتلك الضوابط كما ينص القانون المستعجل، وضرورة ان تمتد الضوابط للرجال كذلك طبقا لمواد الدستور التي تمنع التمييز بين الرجال والنساء، وفي الخلاصة: من سيحتج اليوم على وجود عضوات ووزيرة دون ضوابط عليه ان ينظر لذاته وما سيحدث لو طبقت تلك المادة ومواد تجريم الفرعيات ومواد اخرى عليه.
آخر محطة:
1 - يقابل هذا العدد الكبير من حملة الشهادات العليا في الحكومة عدد قريب منه في مجلس الامة حيث اوصلت الانتخابات الاخيرة 12 من حملة الدكتوراه و23 من حملة البكالوريوس والليسانس اي بنسبة 72%، فاذا لم ننجز هذه المرة فعلينا ان نحضر حكومة ومجلسا وقبل ذلك شعبا من ألمانيا أو سويسرا أو اليابان، ولا حل للاشكال السياسي الكويتي غير ذلك.
2 - العزاء الحار لآل معرفي الكرام في فقيدهم الكبير د.عباس معرفي، للفقيد الرحمة والمغفرة، ولاهله وذويه الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.