يقوم الفن بكسر القواعد لكي يبدع ويطرح ما هو جديد، وتعتبر السينما احد الفنون التي تلقى إعجابا في شتى بقاع العالم وذلك لأنها تسلي المشاهد بطريقة مختلفة عن باقي الفنون لاندماج الصوت مع الصورة بطريقة مبتكرة. وبطبيعة الحال يمثل الفن انعكاسا لثقافة البلد الذي يصدر منه، وتستخدم هوليوود الأفلام لتغيير الوعي أو غرس فكرة معينة ليس بأسلوب نظرية المؤامرة بل باعتباره فنا يخضع لحرية التعبير. وبلا شك يعد الإعلام الأميركي من اقوى الإعلام في العالم، فكم فكرة ترسخت لدينا حول دول العالم مثل قساوة الألمان والروس وعندما نزور هذه البلدان في الطبيعة نجد ان ما صورته هوليوود لم يكن الحقيقة بل عكس ذلك.
منذ فترة تم منع فيلم العائلة «الجميلة والوحش» تلك القصة الشهيرة التي نستذكر بها ذكريات الطفولة وايضا المسلسل الذي عرض في الثمانينيات قبل ظهور الفضائيات في سماء العالم. منع الفيلم بسبب وجود شخصية مثلية صريحة تقوم بحركات لا يتقبلها الجمهور العربي بشكل عام رغم ان الكثير من الصغار قد لا ينتبهون الى هذه الأمور ولكن يجد الآباء انزعاجا من هذه المشاهد خصوصا انها تعود الأطفال على ان اختيار الشخص لميوله الجنسية يعتبر حرية شخصية وهو أمر يعارض قيم الدين الإسلامي. ولم تكن هذه المرة الأولى التي يتم طرح شخصية مثلية في أفلام الأطفال بل قامت ديزني بتقديم شخصيتين مثليتين في فيلم الأطفال «Finding Dory» ولكن ربما لم ينتبه الأطفال لهذه الشخصيات في مجتمعنا العربي كون هذا النوع من العلاقات لا يظهر بشكل صريح في المجتمع لكي يتم الربط فتتم هذه العملية منذ زمن شيئا فشيئا وهي ليست وليدة اللحظة.
طرحت هوليوود أفلاما عن المثلية عدة مرات، وهناك أفلام تم تقديمها بشكل جيد من حيث القصة والاخراج والتصوير منها فيلم «Milk» بطولة «شون بين» والذي يتحدث عن الناشط السياسي «هارفي ميلك» ومدافعته عن المثلية بصورة صريحة في الولايات المتحدة الأميركية في وقت لم تكن المثلية مقبولة. وهناك ايضا فيلم «Brokeback Mountain» والذي حصل على جائزة الأوسكار ويتحدث عن رعاة بقر مثليين وعلاقتهما الشاذة في مجتمعهم الذي لا يتسامح مع هذا النوع من العلاقات. لذا استخدمت هوليوود الأفلام بطريقة قصص تجلب التعاطف مع المثليين لكي يتم تقبلهم في المجتمع، فمن الواضح ان هوليوود تطرح قضايا عديدة في أفلامها ليس فقط من باب التسلية والكسب المادي بل لتسليط الضوء على قضايا المجتمع ولكي يتم القبول بالاختلاف والتعدد، فهي مصممة بالدرجة الأولى للجمهور الأميركي ثم للجمهور العالمي.
ومن واقع متابعتي للأفلام منذ الصغر، أرى ان ما تعرضه هوليوود يتم تقبله مع الأيام حتى يصبح واقعا، فعندما كنا صغارا لم نتقبل ان تكون المرأة هي بطلة الفيلم، وذلك لأننا نشأنا في مجتمع ذكوري وغالبية ابطالنا سواء في التاريخ او في القصص المتداولة هي لأبطال ذكور ولكن اليوم نتقبل بطولة المرأة بصدر رحب، بل قد نستغرب عندما يغيب دور المرأة عن أحد أدوار البطولة. وبنفس الطريقة تم ضم السود في الأفلام بعد الحصول على حقوقهم في الولايات المتحدة الأميركية حتى حصولهم على أدوار البطولة، لذا قد يهاجم البعض هذه الشخصيات المثلية في الأفلام، ولكن بعد حين سيصبح هذا المشهد عاديا جدا وسنعتاد عليه وقد يشتاط البعض غضبا لأنه لا يود أن يرى اولاده هذه المشاهد ويتقبلها عندما يكبر بأن الشذوذ حرية شخصية وليس أمرا نهى عنه الإسلام.
ما دورنا حيال ذلك؟ لا نستطيع ان نطوع شركات الإنتاج لرغباتنا وأخشى أن تصبح الشخصية المثلية في الأفلام مقبولة خصوصا انه تم الإعلان عن فيلم قادم للعائلة وهو «Power Rangers» حيث هناك تلميحات في أحد مشاهد الفيلم عن المثلية لأحد ابطال الفيلم ما يعني ان هناك موجة تغيير قادمة. نحن لا نملك الا ان نعلم أبناءنا التفريق بين الصواب والخطأ، حيث أصبحت الهواتف والأجهزة اللوحية بمتناول كل طفل يستطيع من خلالها الدخول الى وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الفيديو لمشاهدة هذه الأمور لأن العالم اصبح مفتوحا ومترابطا بشدة وقيم الدولة الأقوى ستلقى على باقي العالم.
Twitter: SaqerG