لا شك أن تكويت الوظائف أمر يصب في المصلحة الوطنية كونه يؤهل المواطنين لبناء وطنهم، حيث إن العديد من أبناء الكويت كفء وعلى قدر من تحمل المسؤولية.
ومن المفترض ان يتم تكويت الوظائف ضمن خطة استراتيجية واضحة ومدروسة، إلا أن ما تم طرحه مؤخرا يوضح لنا أن التكويت مجرد ورقة سياسية أخرى تظهر عندما يهدد النواب الحكومة بالاستجوابات ويتذمر المواطنون من وجود مستشارين وافدين يتقاضون رواتب عالية نوعا ما دون ان يعلموا عن خبرات المستشارين او مدى احتياج المؤسسة لهم.
وبالرغم من مزايا التكويت فإنه يقابله بعض العيوب ايضا، منها ان استبدال الوافد الذي أمضى سنوات في عمله سيفقد المؤسسة خبرة في العمل، فالوافد اكتسب خبرة طريقة عمل المؤسسة وإجراءاتها وحين يتم استبداله بهذا الشكل المفاجئ سيتطلب ذلك سنوات من الموظف البديل لاكتساب هذه الخبرة المفقودة والذي من شأنه قد يعطل الأعمال والإنجازات للمؤسسة.
الأمر الآخر هو تفضيل المواطن على الوافد في التوظيف ولو على حساب المؤهلات والخبرة الأفضل أي عندما يتقدم وافد صاحب مؤهلات وخبرة من شأنها أن تفيد المؤسسة لا يجب أن نستغني عنه لمجرد توظيف المواطن إذا كان اقل خبرة لان ذلك أيضا يضر بالمصلحة العامة خصوصا اذا كانت الوظيفة ذات طابع أكاديمي أو تخصصي نادر وليست كوظيفة خدماتية.
كما أن إلزام الشركات الخاصة بالتكويت سيسبب ذلك عبئا على الشركات من حيث صعوبة فصل الموظف الكويتي المتقاعس للإبقاء على نسبة التكويت، حيث أبقت بعض الشركات موظفين كويتيين في المنازل فقط من اجل الإبقاء على نسبة التكويت، كما يزيد توظيف الكويتي تكلفة على الشركة مما يؤدي إلى رفع اسعار السلع والخدمات على المواطنين وهذا يذكرنا بمقولة «ليش ما في سباك كويتي» فهل سيكون ثمن الخدمة التي يؤديها الوافد بنفس سعر الخدمة التي يؤديها الكويتي؟
يجب وضع مؤشرات لكي يتم قياس الأداء الحكومي قبل وبعد التكويت لكي نرى هل حقق التكويت فرقا في الأداء أو انه مجرد ترضيات سياسية، حيث يستاء العديد من المواطنين عند مراجعة مراكز الخدمة والوزارات بغياب الموظفين أو تقاعسهم، فبغياب تطبيق العقوبات سيؤثر ذلك على مصالح المواطنين من جهة وإحباط الموظفين الملتزمين بالعمل من جهة اخرى ويقل اداء المؤسسات الحكومية.
ليس الهدف من هذه المقالة احباط عملية التكويت أو التقليل من شأنها، ولكن يجب أن تتم دراسة الموضوع بشكل جدي والتخطيط له بدلا من وضع هذه الورقة على الطاولة كلما انتفض بعض المواطنين على مستشار وافد هنا ووافد هناك.
فكيف إذن ينجح التكويت؟ عندما يشغل الكويتي جميع الوظائف في الدولة مهما كانت، وان يصبح لكل وظيفة احتياج حقيقي لا أن يتم التوظيف فوق الحاجة من اجل إسكات أفواه المتذمرين، وأن تكون للوظيفة قيمة مضافة للاقتصاد بدلا من أن تكون الوظيفة معتمدة اعتمادا كليا على واردات النفط عندها سيكون للتكويت قيمة حقيقية وستصبح سياسة إحلال القوى الوطنية لا سياسة إخلال سوق العمل.
https://saqeralghelani.com