الكوارث الطبيعية هي المتصدرة في أخبار العالم هذه الفترة، من المشرق إلى المغرب على هذا الكوكب، تعصف الكوارث الطبيعية -على اختلافها- بالدول والسكان مخلفة دمارا عمرانيا، وتغيرا جغرافيا، وقتلى وجرحى ومفقودين ومكلومين. وتتصاعد في هذه الظروف المخاوف من حدوث مضاعفات، أو عجز، ومن تفشي الأوبئة.
من الأعاصير والفيضانات، إلى الزلازل وحرائق الغابات، مناخ العالم المتطرف الذي نشاهده ونقرأ عنه مخيف حقا، وكأنما هي أفلام الخيال العلمي التي تابعناها من قبل، أحداثها الخيالية تحولت إلى واقع يدور في حياتنا الحقيقية!
وتسارع الجهات الخيرية لإغاثة المنكوبين بنشاط وعزيمة وأخوة في الدين والدم والإنسانية، وتدعو أهل الخير والمحسنين إلى النجدة ومد يد العون، فالدمار كبير، والوضع حرج، والحاجة ماسة. المساعدات مختلفة وشاملة، والمشاريع متاحة ومتنوعة، بين توفير قوت أسرة، إلى إعادة إعمار قرية. الحسنة بعشر أمثالها والله يضاعف لمن يشاء. العاملون في هذا القطاع جندوا أنفسهم لهذا العمل الشريف، ونسأل الله لهم العون والقبول ولجميع المساهمين.
في هذه الحالات ينتفض العالم، وتبرز مسألة «السبق الصحافي»، ويسعى الناس إلى ممارسة إنسانيتهم تجاه بعضهم البعض، وتهب اللجان الخيرية والمنظمات الإغاثية لممارسة أدوارها بفاعلية أكبر، ونحتاج إلى المصداقية، لكننا أيضا مطالبون باحترام مشاعر هؤلاء البشر الذين يواجهون ظرفا قاهرا، وإلى الرفق بأوضاعهم الحرجة وترقبهم لطرود الغذاء والدواء.
هؤلاء انقلبت حياتهم بين ليلة وضحاها! هوت مساكنهم، خسروا ممتلكاتهم، فقدوا أحبابهم. الكاميرات تصوب إلى وجوههم المرهقة، التي تظهر أوجاعهم الجسدية والنفسية. ثم نجد بعض الجهات تتخذ من صورة عجوز ثكلى أو طفل جريح واجهة لحملة إغاثية! أين أخلاقيات العمل الإنساني؟ بعض اللجان تجعل دعوتها للتبرع في تصوير إطعام طفل هزيل على شفير الهلاك! أو رب أسرة ينتحب على والده وولده تحت الأنقاض! لماذا تصور الناس وهم في أضعف حالاتهم؟ لماذا تمزج هذه المقاطع بآهات متباكية أو موسيقى حزينة؟! ألا يمكنك أن تركز على مظاهر الدمار، أو الطرود الإغاثية، ثم تلتقي البشر وجها لوجه، بإرادتهم ووعيهم، ليحكوا عن أحوالهم بكلماتهم لا بصرخاتهم؟
هذه الإغاثة المادية بحاجة إلى إغاثة معنوية، تستجمع الضمير والوعي، تتذكر كرامة الإنسان، وتشدد الحرص على خصوصية البشر في كل المواقع، وعدم انتهاكها مهما كانت الظروف، أو الغاية.
[email protected]