انقضى أكثر من شهر على قيام طوفان الأقصى، والحرب الدائرة التي تتسع بسبب دولة صهيونية مكونة من عصابات مشوهة ومحتلين مشوشين ومجندين غير مؤهلين ومرتزقة مضطربين.. تكتل منحرف صاخب يباركه العالم المتقدم! ويتجاهله مجلس حقوق الإنسان! تبدو مسرحية ثقيلة ومرعبة! تكتل بشع يحتل أرضا حرة لها شعبها بنسيجه الخاص، وثقافته الثرية من فن ولهجة وقيم وأعراف ومائدة ولباس، شعب تطمس هويته ويسرق تراثه ويباد أبناؤه!
وسط هذه الفوضى الوحشية ـ غير المسبوقة ـ وفي ظل عصر الانفجار المعلوماتي والتقدم الحضاري والمجالس العليا.. نجد أنفسنا نختنق قهرا وكمدا، ونشكك في مصداقية سرد التاريخ، ونكذب المواثيق الدولية!
وفجأة يمر في ذهني المسمى الذي طالما كرره القائد مالكوم إكس، رحمه الله، وهو «الشيطان الأبيض».
لقد نشرت سيرة مالكوم مشبعة بمذكراته وخطاباته، والتي عندما تقرأها يخيل لك أنك تراها وتسمعها! لقد حارب كثيرا في «تحرير» عقلية قومه من تبعية الرجل الأبيض الذي اعتاد أن يبطش ظنا منه بالاستحقاق والتفوق بسبب عرقه!
ما علاقة ذلك بما يحدث في حرب اليوم؟ أليس مؤجج الحرب والصراع هو ذات الرجل الأبيض؟ أليس هو من يمد المجرمين بالسلاح ويأخذ على أيديهم لسفك الدماء؟ أليس هو ذاته الذي أباد السكان الأصليين في قارته؟ واستعبد سكان قارة أخرى؟ أتراه لا يعين أمثاله على السلب والإبادة؟
المجرم يبرر لنفسه كل شيء، ولكن عندما يكون إجرامه مرتبطا بفكرة استعلاء، فالأمر أشد شراسة! إن حرب اليوم ليست بين قوى متكافئة تتواجه في ميدان المعركة، بل هي إبادة عرقية بمعنى الكلمة! هي ما يفعله المجرم صاحب الفلسفة العنصرية، التي ترى الناس على أنهم طبقات وأصناف ومستويات، فمنهم العرق الراقي ومنهم العرق دون المستوى! عرق يجب أن يسود ويقود ويمتلك ويطاع، وعرق يهمش ويكدح ويطيع!
إن المحرك لحرب اليوم هو التصنيف العرقي، الذي يرى فيه الشيطان الأبيض أن عرقنا العربي غير جدير بالحياة! وأننا أمة يجب أن تتبع لا أن تنهض، فإقامة هذا الكيان الغاشم كانت له أهداف بعيدة المدى، أهداف كشفت وعرفت وبالأدلة، وصارت مواد موثقة بالصوت والصورة!
قيل إن العالم بعد 7 أكتوبر ليس كقبله، وها نحن ننظر إلى العالم بطريقة مختلفة فعلا، وننظر إلى قلوبنا ونراها مختلفة أيضا!
فهل هذا الاختلاف العميق سيجعلنا نتصرف بطريقة مختلفة، لتختلف حياتنا ومستقبلنا؟
[email protected]