نتصفح مواقع التواصل الاجتماعي كل يوم، نقرأ نشاهد نسمع ونتأثر، ونعقب أحيانا. نشارك المنشورات ونتحدث عنها بين معارفنا. من عادتي أن أطلع على آراء الناس إزاء أي قضية! أحب أن أتعرف وأقيس وعي الشارع وتوجهاته، وأرى واجب التوجيه والإيضاح، ومن الجميل الثناء على الآراء السديدة. أفاجأ وأستغرب بعض التعليقات الهجومية التي ينشرها البعض بكل ثقة رغم انعدام صحتها! وتجد الكثير ممن يتساهل في المسائل المتعلقة بالذمم والسمعة!
في العادة يبدأ الأمر بتعليق واحد من هذا الصنف، مع مزيج من الاستهزاء، إلى الشتيمة وصولا إلى الطعن والافتراء! وتتزايد أعداد التعليقات على المنشور ذاته، جلها من الصنف ذاته!
سواء أكان المنشور رأيا لأحد المفكرين، أو تصريحا لأحد الوزراء، أو نتيجة لدراسة علمية أو إحصائيات، أو خبرا عن مشروع تنموي، أو تشريعا أو اقتراحا أو قانونا أو قرارا.
ما أن يستفتح التعليقات متصفح تافه يكتب تعليقا تهكميا ويمرر إصبعه إلى منشور لاحق، يترك التعليق ويغادر، محرضا لأي من كان ليعلق بنفس المزاج. ويبدو جليا كيف تنقاد الآراء وتستنسخ! فكأن تلك العقليات ـ والأصابع ـ تكرر فقط!
ويخيم جو من الجهالة والوقاحة في خانة التعليقات، تكاد تبحث عن إضافة أو معلومة فلا تجدها!
«العقل الجمعي» مصطلح في قاموس علم الاجتماع والنفس والسلوك، يقصد به وصف مدى تأثر الفرد بما يحيط به، فالإنسان يستلهم الكثير من توجهاته تبعا للذوق السائد في المجتمع، حتى وإن كان على صواب، سيبدأ بالتشكيك في نفسه! أو سيشق عليه البقاء في مجتمع يتبع الباطل ويحب الخرافة، ويستبيح الإهانة!
الإنسان مساءل عن ظنونه وسعيه، فلماذا يلغي عقله؟
إن الآداب الاجتماعية مطلوبة في مواقع التواصل شأنها شأن أهميتها في المجالس، ولا يصح أن نتطاول على الغير بسبب توارينا خلف الأجهزة والشاشات! وعلينا أن نؤدي أمانة النصح عندما نواجه مثل هذه السلوكيات، أو نقوم بالإبلاغ عن سوء الاستخدام.
حـرية الرأي مكفولة، وتباين الآراء مهم وصحي، لكن للحرية والاختلاف ضوابط وذوقيات لتحقيق التكامل والمنفعة العامة، في مجتمع بشري حضري.
فلا نريد أن نكون في قفص الببغاوات!
[email protected]