ترقية بورصة الكويت حسب مؤشر FTSE المتوقعة في سبتمبر المقبل، يليها وضع البورصة تحت المراقبة من قبل مؤشر MSCI لاحتمالية الترقية في السنة المقبلة، ما هي إلا خطوات أولى صحيحة في مشوار طويل من الإصلاحات، لكن هل هذه الخطوات كافية لإنقاذ بورصة الكويت وإعادة الروح والنشاط اليها الذي اختفى منذ بداية الأزمة قبل عشر سنوات؟
في الواقع، ان المستثمرين في أي سوق يبحثون عن الفرص والثقة، وللأسف عندنا شح في الفرص المعروضة في البورصة وأزمة في الثقة في إدارتها.
٭ أزمة الثقة تتمثل في التالي:
1- فراغ منصب رئيس مفوضي هيئة أسواق المال منذ توزير د.نايف الحجرف، ويأتي الفراغ خلال فترة حساسة من عمر البورصة والهيئة، حيث تنتظر البورصة عملية خصخصتها وترقيتها، وهذا دليل على تجاهل وغياب الدعم الحكومي، فيجب إشغال المناصب في هذا الجهاز الحساس بمن هو أهل له فنيا وادريا ويشهد له بالكفاءة والاستقلالية، والا يستغل كترضية سياسية أو لمحسوبية تجارية.
2- استقالات أعضاء مجلس إدارة البورصة، وتظهر عدم وجود انسجام بين الإدارة، ما يعمق أزمة الثقة.
3- ملف الاكتتاب العام في شركة البورصة المنتظر منذ أعوام، والصادر فيه قانون خاص، إلا أن الملف متأخر وصاحبه الكثير من الأخطاء التي تكررت، وغياب الشفافية في توضيح الأسباب الحقيقية وراء هذا التأخير، فحتى الآن لا أحد يتجرأ على إعطاء موعد محدد لخصخصة البورصة وتوقعات إدراجها.
4- غياب العقوبات الرادعة على كبار المستثمرين في الشركات، أو المتداولين بناء على أساس المعلومات الداخلية، فما زالت الكثير من المجاميع تتلاعب بشركاتها وتتعامل معها كأنها ملكية شخصية.
5- تداخل اختصاصات الحكومة في البورصة، ما يجعلها المتحكم الاكبر في لعبة الأسهم، فالحكومة مازالت اللاعب الأكبر في السوق بصفتها أكبر مستثمر.
٭ أما الفرص والسيولة فهي أيضا مليئة بالتحديات وتعوق نمو البورصة وتتمثل في التالي:
1- صعوبة القوانين واللوائح المفروضة على إنشاء وإدارة الصناديق وتكلفتها العالية وطول دورتها المستندية، وتعطل القرار أحيانا لاختلاف بوجهات النظر، ما يصعب العملية على الشركات الاستثمارية التي تحتاج سرعة لجمع المال واقتناص الفرص.
2- عندما يأتي الحديث إلى المستثمر الأجنبي، فهو دائما يبحث عن الفرص، والفرص نادرة في سوقنا، فأغلب الملكيات في الشركات الكبيرة متحكم بها من قلة بما يزيد عن 50% من الملكية، والمستثمر الأجنبي لن يخلق الفرصة ولن يكون حريصا على تطوير السوق أكثر من الشركات المحلية وأصحابها.
3- التحفيز شبه غائب من الحكومة للبورصة، فرغم تحكمها بالمشهد البورصي كما ذكرنا، إلا أنها لا تهتم بفتح فرص جديدة للمستثمرين أو تسويق البورصة أو تحرير الاقتصاد عبر الخصخصة.
وهناك محاولات تشريعية جيدة، اذكر منها مقترح القانون الذي تقدم به محمد المطير ومجموعة من النواب الأفاضل بحكر المناقصات الحكومية الكبيرة على الشركات المدرجة، والذي يعد خطوة جيدة لدعم إدراج الفرص الاستثمارية، وأهمية المقترح انه يأخذ بعين الاعتبار ان الاقتصاد الكويتي قائم على المصروفات الحكومية التي تمثل نفقاتها غالبية الناتج القومي.
4- غياب تسويق الفرص الحقيقية: مع أنها قليلة، الا انه لا يتم تسويق الفرص التي تظهر من وقت لآخر، مثل استغلال نجاح اكتتاب شركة المتكاملة القابضة لجذب الشركات العائلية الى البورصة، فاكتتاب «المتكاملة» الخاص أكبر دليل على ان السيولة موجودة والمستثمرين يبحثون عن الفرص الحقيقية. فتغطية الاكتتاب التي تجاوزت 230% في اكتتاب خاص (بقيمة اكثر من 140 مليون دينار) مع كبر حجم الطرح دليل على تعطش المستثمرين المحلين للفرص.
5- السيولة الوفيرة: تشير آخر التقارير الى حجم السيولة العالي لدى اغلب البنوك والكثير من الشركات الاستثمارية والعقارية التي لا تجد فرصة مناسبة لتوظيفها، وهناك خطأ ان السيولة فقط بيد كبار المستثمرين، فقد أظهرت لنا القضايا المنظورة أمام القضاء على شركات التسويق العقاري، وحجمها يتجاوز 100 مليون دينار، حسب بعض الدراسات المنشورة، هو دليل آخر على ان صغار المستثمرين يبحثون عن الفرص وليس الكبار فقط.
لإصلاح بورصة الكويت وإعادة السيولة للسوق يجب أن يكون الهدف واضحا للجميع يبدأ باستعادة الثقة وخلق فرص جديدة، من خلال تعزيز كفاءة السوق وخلق بيئة استثمارية جاذبة للمستثمرين المحلي والأجنبي، تتنوع الفرص الاستثمارية فيها عبر قوانين ونظم مسهلة للتمويل، محفزة للاستثمار وداعمة لثقة المتعاملين فيها.
[email protected]
د.سعود أسعد الثاقب عضو هيئة التدريس في قسم التمويل في كلية العلوم الإدارية - جامعة الكويت