عندما تسلم د.سعود الحربي حقيبتي وزارة التربية ووزارة التعليم العالي توسم الجميع فيه كل الخير، خاصة أنه ابن الميدان التربوي وتدرج في الوظائف الإشرافية الفنية والإدارية كافة، وأعطى صورة مشرقة أثناء لقائه واجتماعه بالإعلاميين والمحررين التربويين في الصحافة المحلية، وقد أشار لبعض التأملات والطموحات التربوية والتي يأمل كل تربوي أن تتحقق ولكنها تحتاج الى قرارات تتخذ وقوانين تسن من قبل الجهات الرقابية ومنها وجود وثيقة ثابتة للسياسات التعليمية لا ترتبط بتغير الوزراء، وهذا الأمر يعتبر أساسيا في عملية التخطيط لكل وزارة وكل قطاع، حيث إن من أهم أسباب التأخر في تطوير العمل هو أن كل وزير يبدأ من الصفر وحسب أهوائه ولا يبدأ من حيث انتهى الآخرون، كما أنه أشار الى ضرورة عودة مجلس الوكلاء وذلك لأهميته بمناقشة كل القضايا التربوية.
ولكن يبدو أن وزير التربية د.سعود الحربي أراد أن يضع له بصمة سريعة في العمل ويحدث بعض الإثارة في أروقة الوزارة والميدان التربوي فقام بإجراء حركة التدوير والتي شملت كل الوظائف الإشرافية القيادية في المناطق التعليمية، وقد غاب عن ذهن الوزير النتائج المترتبة سلبا على هذه الخطوة غير المدروسة والمتسرعة جدا! قد يرى د.سعود الحربي وغيره أن التدوير قرار إصلاحي لتطوير العمل، وتبقى مجرد وجهة نظر لا بد لنا من احترامها، لأن التدوير قد يفيد البعض ولكن في الوقت نفسه يضر البعض الآخر لذا لا بد من اختيار الوقت المناسب للتدوير!
كما أن التدوير إذا كان للإصلاح فالأجدى بنا أن نمتلك جرأة القرار ونحاسب المخطئ الذي لا يعمل ولا نعمم التغيير على من عمل والتزم بعمله! ولكن يبدو أن قرار التدوير الشامل هو لرفع الإحراج عن الوزير!
أما ما حدث فلا يمكن وصفه إلا بالتخبط والعشوائية والانفراد في اتخاذ القرار! والأجدر من الوزير أن يجتمع مع الوكلاء المساعدين للقطاعات المختصة ويناقش مقترح التدوير قبل التنفيذ! ولننظر إلى كم النتائج السلبية المترتبة على مثل هذا القرار في هذا الوقت بالذات وهو منتصف العام الدراسي:
٭ قرار يعتبر بعيدا جدا عن التخطيط وهو بمنزلة القرار الناسف لجميع الخطط الاستراتيجية والتشغيلية التي وضعها المسؤولون الذين تم تدويرهم والتي من المفترض قد تم تقديمها للرؤساء المباشرين لهم بالعمل، وبالتالي فقد تم إيقاف تنفيذ تلك الخطط بشكل شامل! وبعد أن نادى الوزير بضرورة وضع السياسات التعليمية الثابتة نراه قد بتر الخطط السنوية بذاتها وأعدم خطط المخلصين في العمل!
٭ هناك بعض الوظائف الشاغرة التي كان يحق لمن يرغب في النقل إليها أن يتقدم بتسجيل رغبته منذ نهاية شهر يناير حتى نهاية مارس حسب النشرة الوزارية ليتم التنفيذ في مطلع العام الدراسي المقبل، وعليه فإن التدوير أضاع فرصة تلك الرغبة في النقل، وسيتم تعيين الجدد في تلك الأماكن المرغوب بالنقل إليها من قبل المسئولين الأكثر أقدمية!
٭ تغيير المسؤول المباشر في منتصف العام الدراسي له الأثر الكبير في تقييم الكفاءة لنهاية العام الدراسي!
٭ هناك العديد من القضايا المعلقة لدى الشؤون التعليمية والقانونية ومديري العموم والتدوير سيضيع الكثير من حقوق أصحاب القضايا خاصة إذا كان أحد أطرافها ممن طالهم التدوير!
٭ التدوير غير مدروس وسيخلق العديد من المشاكل التي بدورها ستؤثر على جو العمل والإنتاجية، والدليل على ذلك أنه تم تدوير البعض لمنطقة تعليمية واحدة، علما أن بينهما العديد من الخلافات والقضايا! وسيكون الجو غير صحي للعمل!
٭ تغيير كل القيادات الإشرافية في المنطقة التعليمية بصورة جذرية، لكل مدارسها لجميع المراحل التعليمية، سيزيد العبء على المسؤولين الجدد ويكلف الإدارات المدرسية المزيد من الوقت والجهد للتعامل مع المسئول الجديد!
وبدلا من استكمال الخطط الموضوعة سيتم العمل والتغيير طبقا لما يطلب المسؤول الجديد!
باختصار يا وزير التربية ووزير التعليم العالي، لقد أخفقت في أول قرار اتخذته ولم توفق فيه، وكان الأجدر بك أن تلتفت لقضايا تربوية أخرى بحاجة لقرارات سريعة ومن المؤكد أنك على علم بها لأنك ابن وزارة التربية، نرجو منكم التريث في القرارات والنظر للأمور من جميع الجوانب لتتضح لكم الرؤية الصحيحة.. فليس كل «نفضة» ناجحة فهناك نفضة تتطاير فيها ذرات الغبار ولكنها تعود وتتغلغل بصورة أعمق.. وما خاب من استشار، فالشورى أمر ضروري لحل الكثير من القضايا وتطوير العمل.. وفقكم الله وأعانكم على المسؤولية الجديدة.