كم هو مؤلم عندما يشعر الإنسان بأنه في وقت ابتلاء وعقاب من الله عز وجل، وبالرغم من ذلك لا يتعظ بل يستمر في الاستهزاء والنقد الجارح والتطاول على الآخرين بما لا يليق.
إن فيروس كورونا، هذا الكائن الذي لا يرى بالعين المجردة، والذي اهتزت له الملوك والأمم، وعجز أمامه العلماء والأطباء، وانهارت بسببه صناعات ودول، فأغلقت المطارات وألغيت الرحلات، وتوقفت الدراسة في المدارس، ومنعت التجمعات، وشلت الحركة في الكثير من الأسواق والمجمعات التجارية، وكل ذلك كنا نقول إنه بلاء لتلك الدول التي ظلمت المسلمين ولا تعرف الدين وتفتقد النظافة في الكثير من الجوانب، إلى أن جاء هذا الفيروس ومنعنا نحن كمسلمين من أعظم ما نمتلك وهو زيارة بيت الله الحرام ومسجد نبيه الكريم، جاء ليوقف العمرة ويمنع الطواف حول الكعبة المشرفة وتقبيل الحجر الأسود، جاء ليمنع حضور الصلوات في مساجدنا، فكم كان المصاب جللا، وكم دمعت الأعين ونزفت القلوب ونحن نسمع مآذن المساجد تصدح للمرة الأولى (صلوا في رحالكم) (صلوا في بيوتكم).
هنا يجب أن نعي أن هذا الوباء لم يكن بلاء فقط على غير المسلمين، بل هو بلاء وابتلاء لنا نحن المسلمين، لنعي مدى الفساد الذي ساد بلاد المسلمين، والظلم الذي وقع منا على الكثيرين، لنعي مدى علاقتنا برب العالمين، بخالق هذا الفيروس الدقيق والذي أرسله بأمره ليعلمنا مدى حجمنا مهما علينا أو تقدمنا أو تعلمنا، فلنتغلب أو ننتصر حتى لو كان الأمر يتعلق بفيروس بهذا الحجم، إلا بأمر الله تعالى.
حان الوقت لنعيد ترتيب أوراقنا كدول وشعوب، وماذا قدمنا لرفعة الإسلام والمسلمين، وكيف هو امتناننا لله العلي القدير على جميع نعمه التي لا تعد ولا تحصى.. حان الوقت لنعرف كيف ندير حياتنا في منازلنا لنحسن إدارة مجتمعاتنا وأوطاننا.. حان الوقت لنعي تماما كيف نتغلب على مثل هذا الوباء وغيره من الأوبئة والابتلاءات الإلهية.. حقا شكرا كورونا لأنك أوقفت الفساد والفاسدين وأخفت العالم من اليسار لأقصى اليمين.. شكرا لأنك بينت للجبابرة والملوك والسلاطين مدى حجمهم وقدرتهم، وكل هذا بأمر الله رب العالمين.. ونسأله تعالى أن يحفظ بلادنا وسائر بلاد المسلمين.. ولكن هل من متعظ؟