تمر الدول بالكثير من الأحداث والأزمات، ومن أصعب ما مرت به كويتنا الغالية في الألفية الثانية هي فترة الغزو الغاشم التي تعتبر منعطفا تاريخيا مهما في تاريخ الكويت الحديث، وها نحن نعيش الألفية الثالثة ونمر بأزمة صحية لم تتضرر منها الكويت فقط بل اجتاحت العالم أجمع وعانت منها معظم دول العالم، وهي أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد كوفيد - ١٩.
كل من عاصر فترة الغزو الغاشم ويعيش هذه الأيام مع هذه الظروف المتغيرة، لابد أن يتذكر فترة الغزو وكيف كانت الحياة كلما صدر قرار وزاري أو كلما ذهب لجمعية تعاونية أو وهو جالس في المنزل.
حتماً، إنه لا مجال للمقارنة بتاتا بين ما نعيشه الآن وما عشناه فترة الغزو البغيض، فنحن الآن نتمتع ولله الحمد بكثير من النعم التي افتقدناها أثناء حصار السبعة شهور الكئيبة، ولكي يعلم الجيل الحالي والمتذمر من الحظر الجزئي ومن حرمانه من الأنشطة الترفيهية بأنه يعيش حياة هانئة برفاهية كبيرة مقارنة بما عاشه الآباء قبل ٣٠ عاما.. نعم، نحن الآن ننعم بكثير من النعم التي افتقدناها ولم تكن موجودة أثناء الغزو الغاشم وعلى سبيل المثال لا الحصر.
ننعم بنعمة الأمان في الوطن، ونعمة حكومة تعمل من أجلنا وتعيش بيننا، ونعمة تجمع الأهل وعودة من كان مسافرا، نعمة التجول في الوطن والتزود بالاحتياجات وقتما نشاء، فلا نتعامل إلا مع إخواننا وأبناء هذا الوطن، حتى في وقت الحظر نجد من يكون ملتزما بالإجراءات يصل لعمله ولمنزله آمنا دون المرور بنقاط تفتيش تشهر السلاح في وجهك، ننعم بنعمة توفر المواد الغذائية كما ونوعا في الجمعيات التعاونية والأسواق الغذائية، ونعمة توفر الماء والكهرباء، نعمة توفر الاتصالات بجميع أنواعها، حتى باتت الزيارات والتجمعات عبر مكالمات الفيديو الجماعية، نعمة توفير كل الاحتياجات عبر خدمة التوصيل والطلب عبر الهاتف، كل تلك النعم لم يتوافر منها شيء خلال فترة الغزو الغاشم، فهل يعي من يعيش أزمة كورونا كم نحن ننعم بوطن لا مثيل له وبخدمات يقدمها أبناء هذا الوطن والمسؤولون عن كل الخدمات والاحتياجات في كل الجهات تفتقدها أكبر شعوب العالم!
إن جيل أزمة الغزو والاحتلال منهم من صمد وقاوم ومنهم من لجأ وتشتت في الخارج ولم يكن يريد سوى حرية الوطن، وكانت التضحية كبيرة والثمن غاليا جدا من أرواح شهدائنا الأبرار، وخروج قيادتنا الشرعية لتتمكن من المطالبة بسرعة عودة الحرية، أما جيل أزمة كورونا فلا يريد سوى الحفاظ على الصحة، والثمن بسيط جدا وهو البقاء في المنازل!
فهل أصبح البقاء في المنزل وسط الأهل والأحباب مع توافر كل الاحتياجات في بيت آمن نوعا من أنواع التضحية؟!
علينا أن نعي تماما معنى حرية وأمان الوطن، وحفظ الله الكويت وأميرها وشعبها من كل مكروه وسائر بلاد المسلمين.
وعلى الخير والمحبة نلتقي بإذن الله..