يعيش العالم خلال الشهور الستة الماضية وحتى اليوم أزمة اجتاحته من الشمال للجنوب ومن الشرق للغرب، وباء لم يتعرض له من قبل، قد تكون هناك بعض الدول تعرضت لأزمات صحية مشابهة ولكن لم تكن بالمستوى العالمي الذي نشهده الآن.
وبفضل الله عز وجل ثم فضل جهود جميع المسؤولين في الحكومات والمتطوعين من الشعوب نجد أن كل دولة ومجتمع يرسم الخطط المناسبة للحفاظ على كيانه وصحة أفراده ومنظومته الصحية.
وفي المقابل، كلنا على يقين بأن هذه الأزمة ستزول بعون الله تعالى وبأمره كن فيكون، وتعود الحياة كما كانت، بل يجب أن تكون أفضل مما كانت، أجل فمحنة كورونا وأزمة هذا الوباء ينظر لها المتشائمون والمتذمرون بأنها أزمة وتحمل في طياتها الكثير من المشاكل والقضايا بل ويعولون على غيرهم بالأسباب، أما المتفائلون المؤمنون بقدرة الله تعالى ينظرون لها بأنها منحة وفرصة لتعديل العديد من السلوكيات الخاطئة روحيا وصحيا ونفسيا، وتعديل للكثير من الرؤى والخطط الاستراتيجية للدول اقتصاديا وتعليميا وفي كل مجالات الحياة والخدمات.
ولو لاحظنا في مجال التربية والتعليم وفي جزئية واحدة فقط لوجدنا أننا كنا نهدر الكثير من الميزانيات المالية والكثير من الوقت والجهد في إقامة بعض الفعاليات والملتقيات التربوية والتي قد تفقد أحيانا الهدف المقام من أجلها.. أما في هذه الأثناء فعلى الرغم من صعوبة الوضع الذي نعيشه، إلا أننا لمسنا أنه قد تم توفير الكثير من تلك الكماليات ومضيعات الوقت.
وهذا ما لمسته شخصيا خلال حضوري لملتقى كلية التربية في جامعة الملك خالد التربوي عن بعد والذي كان بعنوان (كورونا.. الأزمة واستثمار الفرص) والذي أقيم على مدى ثلاثة أيام باستضافة عشر شخصيات تربوية وبإدارة خمسة بروفيسورات تربويين وبحضور من مدير الجامعة وعميد الكلية وحضور يومي يقارب ٤٠٠ شخص، وبقيادة متميزة وفعالة جدا من عمادة التعليم الالكتروني، تم خلاله مناقشة مواضيع تهم كل مجتمع في الوقت الحالي، وحقق الهدف المرجو من عقد هذا الملتقى، دون أدنى تكلفة مادية أو ضيافة أو ميزانيات بآلاف الدنانير، لم يحتج هذا الملتقى سوى كفاءات تربوية وعقول بشرية مبدعة في إدارة التعليم الالكتروني والتقني، والذي تميزت بها جامعة الملك خالد بدلالة الحضور الذي شهد هذا الملتقى عن بعد دون صعوبات أو مشاكل تقنية تذكر.. لو استمرت فعالياتنا ما بعد أزمة كورونا بهذا الشكل مع وضع الخطط المناسبة والتخطيط الصحيح لوجدنا جميعا الفرق بين الملتقيات الهادفة تربويا وتعليميا والملتقيات ذات البهرجة الإعلامية والشكلية وذات التكاليف الباهظة.. ولوجدنا اتساع آفاقنا التقنية لمجاراة المستجدات العالمية بما يفيد مجالات الحياة.. فكم هو رائع عندما وجدنا المؤتمر الحكومي اليومي يبث عبر المنصات الالكترونية مع مراسلي الوسائل الإعلامية.. وكم هو رائع عندما وجدنا جميع المراكز والأسواق التجارية والخدمات اليومية تتعامل مع الأونلاين والتوصيل للمنازل ولم تعد هناك صعوبة في حصول المواطن على احتياجاته الحياتية والتعليمية والتدريبية.
كل الشكر لمن يعمل بجد واجتهاد للاستفادة والتطوير لحياة أفضل ما بعد أزمة كورونا.. سائلين الله عز وجل أن يحفظ العباد والبلاد من هذا الوباء وسائر بلاد المسلمين.. وعلى المحبة والخير نلتقي بمشيئة الرحمن.