لا يختلف اثنان على أهمية العمل التطوعي في المجتمع، ولا يزايد أحد أبدا على حبنا للكويت، ولا نشكك أبدا بصدق النوايا للناس التي ترغب في التطوع.. ولكن.. هل نحن فعلا في الوقت الحالي بحاجة لفتح باب التطوع في كل المجالات كما نرى؟ هل يوجد فعلا نقص في المجالات التي يتطوع بها أبناؤنا؟!
نعلم علم اليقين أن حبنا لخدمة وطننا بأي صورة هو ما يدفعنا ويدفع أبناءنا للتطوع، ولكن لو رأينا الوضع على حقيقته فالأمر لا يحتاج إلا لقليل من التنسيق والتخطيط وتوحيد الجهود.
إن موظفي جميع المجالات موجودون في الكويت وهم في منازلهم ينتظرون الإشارة للقيام بواجبهم، فلو أخذنا على سبيل المثال، طلب (التطوع لخياطة الكمامات) لقد وجدنا أنه قد سارع الكثير من نساء الكويت ومعلمات الاقتصاد المنزلي للتطوع والالتحاق بالمركز المخصص لخياطة الكمامات، شاكرين لهن اهتمامهن وتعاونهن، وبالطبع هؤلاء المتطوعات مسؤولات عن أسر وبعد الانتهاء من الوقت المحدد سيعدن لمنازلهن والاختلاط بأفراد أسرتهن، وحينها لو أصيب أحدهم بفيروس كورونا المستجد (كوفيد -) سيتضرر من ذلك عدد كبير من المخالطين، وهذا ما لاحظناه في الفترة الأخيرة وهي بدء إصابة المتطوعين في عدة مجالات!
فماذا لو تمت الاستعانة بالخياطين الذين كانوا يقومون بهذه المهنة وهم مازالوا موجودين في الدولة سواء من الوافدين أو المواطنين فكانت هناك مشاغل كثيرة خاصة بالوزارات سواء في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أو وزارة الداخلية او غيرهما، ماذا لو تمت الاستعانة بعدد محدد منهم ليقوموا بوظيفتهم وتحديد مكان مخصص لهم للمبيت فيه حتى يمنعوا المخالطة بالآخرين،
خاصة أنهم مستعدون للعمل بأي لحظة؟ ونقيس على ذلك كثيرا من المجالات التي تم إيقاف موظفيها وعمالتها وتمت الاستعانة بمتطوعين!
فأصبح واجبا علينا الاهتمام والعناية وتوفير كل ما يلزم تلك العمالة التي تم إيقافها من مسكن ومشرب ومأكل دون الاستفادة منها، وزاد الطلب على المتطوعين الذين وجب علينا اختيارهم وتدريبهم حسب ما يناسبهم من أعمال.
إننا بذلك التنسيق نكون قد استفدنا من العاملين لدينا كل في مجاله، وحددنا أماكن مبيتهم وضمان عدم مخالطتهم للآخرين، وأشغلناهم بما هو مفيد لنا ولهم بدلا من التذمر والعشوائية التي يعيشونها ونكون قد وفرنا الجهد لتدريبهم على الأعمال المنوطين بها، وعملهم مقابل رواتبهم التي يتسلمونها، وفي الوقت نفسه قد قللنا قدر الإمكان أعداد المتطوعين والمشاكل التي قد يصابون بها أو تلحق بهم.. بل وضمنا سرعة العمل واتقانه من خلال المتخصصين فيه..
إن الوضع الذي نعيشه الآن يختلف تماما عما عشناه أثناء فترة الغزو الغاشم وقد تطرقت لذلك في مقال سابق، ولكن لنعلم أن جميع موظفي الدولة والعمالة موجودون في الكويت ولم يغادروا، ولنعلم جميعا أن بقاءنا في المنازل هو أفضل ما نقدمه لوطننا الحبيب في الوقت الحالي ونستطيع التطوع جميعا من خلال نشر ثقافة الالتزام بالتعليمات بين بعضنا بعضا، ونشر معلوماتنا من خلال البرامج والتطبيقات الالكترونية كما نرى من العديد من كفاءاتنا التربوية والتعليمية والدينية والصحية وغيرهم الكثير..
ولنفسح المجال للمختصين بمواجهة هذا الوباء والتعامل معه كل يعمل في تخصصه بكل هدوء..
وإن نقصت العمالة واحتاج الأمر فالجميع لن يتردد في خدمة أهله ووطنه.. خاصة أننا مقبلون على شهر رمضان الكريم الذي سنلحظ فيه تراجع عدد المتطوعين.. والأفضل بالطبع هوالرجوع والاستعانة بالعمالة اللائقة صحيا للقيام بأعمالهم السابقة حيث ان الكثير منهم من غير المسلمين..
سائلين المولى عز وجل أن يحفظ الجميع من كل بلاء ووباء.. وعلى الخير والمحبة نلتقي معكم.