سنتحدث اليوم عن أمر قد يكون شائكا، شائبا، قد نختلف فيه أيما اختلاف، قد يصلح لأن يكون حديث الساعة وقد لا يصلح لأن يذكر، درءا للخلاف والاشتباك ـ اشتباك اللفظ والفهم ـ ذلك لأن الذي سنكتبه سائر في جهة مخالفة للسائد من الأمور في هذا العصر وتحديدا عند الجيل الصاعد. وبدورنا ننبه أننا حينما نذكر قولا سابقا قديما في موضوع ما، فإننا لا نقصد الرجوع أو التخلف كما يمكن أن يفهم، وإنما نقوله لطرح مقاربات ننظر فيها للأحوال السابقة والقائمة واللاحقة.
لعلي أتذكر في ذلك موقفا قد حصل لي مع ابنتي ذات الأربعة أعوام حينما أردنا الخروج وارتدت جوربا وحذاء لم نتفق عليه، لم يكونا مناسبين أبدا، ولم تكن تدري بفظاعة ما اقترفت. بدوري عنفتها وبالغت في أهمية نظرة الناس لملبسنا وأشكالنا. وها أنا أقرأ قول رستم في العرب وأشعر بالخجل والخيبة والندم!
يقول رستم مخاطبا قومه لما احتقروا هيئة الصحابي الجليل ربعي بن عامر رضي الله عنه: «ويلكم، لا تنظروا إلى الثياب وانظروا إلى الرأي والكلام والسيرة، إن العرب يستخفون بالثياب والمأكل».
أعتقد أننا قد وصلنا لمرحلة تقديس أحوال المأكل والملبس ونحن بدورنا ننقل اعتقاداتنا لأبنائنا. وليس من الصحيح أبدا أن نجعل قبول أطفالنا للآخرين منطلقا من الملبس فقط، ونجعل مبدأ قبول الآخر هو الشكل الظاهري. لاشك أننا نعلمهم الاهتمام بجميل المنظر وأن الهندام الحسن النظيف أمر يحبه الله، لكن أن نزرع في نفوسهم عنصرية من نوع جديد تبحث في الشكل أكثر من أي شيء فهذا ما لا نريده أبدا. سنعلم أطفالنا الذوق والأدب، سنعلمهم فن تنسيق الملابس ونعطيهم حرية في الاختيار، لن نعنفهم وكأن الملبس شيء ستقوم الدنيا لو لم يتقنوه!
[email protected]
Twitter @shaika_a