يطمح الكثير من موظفي الدولة في الإدارات العامة بمختلف المؤسسات الحكومية إلى استكمال دراساتهم (الماجستير والدكتوراه)، فلا عيب في أن يكون الهدف الرئيسي من وراء ذلك للغالبية منهم هو الارتقاء بالتدرج الوظيفي والراتب، ولكن في المقابل نجد هناك فوضى فكرية في العمل الإداري بالتحديد، وتكمن الفوضى في نقطتين:
الأولى: البرستيج الوظيفي والاجتماعي والذي يجعل من الموظف متعاليا عن بعض المهام في الإنجاز السريع للمعاملات.
والثانية: التضارب الفكري بين العمل الإداري والعمل الأكاديمي.
إن الأخيرة تكمن وراءها المعيقات الإدارية والفنية لندرة البصيرة في العمل الإداري الإنجازي، فالموظفون الإداريون المقبلون على التنمية الإدارية والمهنية بحاجة إلى بعثات علمية فنية تزيد من كفاءة العمل الإداري بشكل أكبر من الدراسة الأكاديمية التي يهدف غالبية الموظفين الإداريين بعد استحقاقها التحويل الوظيفي إلى مدرس معيد أو عضو هيئة تدريسية وليس موظف إدارة يسعى للإنجاز والتنمية الإدارية التي تكفل التقدم ضد البيروقراطية الإدارية، والتي بخست حقوق الكثير من موظفي الدولة أصحاب الهمم والطموح والفهم الصحيح لمنظومة العمل الإداري في مجال العمل.
وسبق أن كتبت مقالا نوهت فيه إلى أهمية عمل الملاحق الثقافية في التواصل المستمر مع الجامعات في بيان كل ما هو جديد في التخصصات العلمية العملية والفنية والتي تكون ما فوق البكالوريوس من أجل التعليم المتميز الذي ينعكس على جودة العمل الإداري والتنظيم الإداري للدولة، حيث إن تلك الشهادة يطلق عليها اسم «دبلوم عالي» لمختلف التخصصات المهنية فهي تعطي المزيد من الفهم لأبعاد التنمية وتفتح آفاقا جديدة لمنظومة مجال عمل الموظف الإداري، ولضمان حق الموظف فلابد من معادلتها من قبل الديوان كرتبة الماجستير في الدرجة والزيادة في الراتب، كما أن شهادتين من الدبلوم العالي تعدل درجة الدكتوراه في الترقية والدرجة والراتب لموظفي الإدارة فقط على سبيل المثل.
كما أن الجامعات المحلية لها دور كبير في دعم تلك الدراسات التي تدعم العمل الإداري في شتى مجالاته، حيث إن تلك الدراسات ليست لها علاقة بالدورات التنموية لمهارات الموظف والتي تكون مدتها ما بين أسبوع إلى شهر، وإنما تكون مدتها ليس أقل من سنة دراسية كاملة وربما أكثر لبعض التخصصات في زيادة المعرفة للأبعاد التنموية في مجال الأعمال الإدارية في مختلف مجالاتها، وعليه يكفل ذلك التطوير وتغيير نهج سير العمل الإداري مواكبا عصره وزمانه، كما يهدف ذلك محو أمية الإدارة التي تكمن في وضعها التقليدي منذ سنوات طويلة، وهذا بحاجة إلى طاقات شبابية يكون بيدها اتخاذ القرارات في التنمية والتغيير للأفضل، وبذلك قد حققنا مقولة «زرعوا فأكلنا ونزرع ليأكلوا».
إن دعم الفرد ماديا ومعنويا مطلب إسلامي وحضاري بحت، لا عيب في أن الفرد يبحث عن السبل التي ترفع من مستواه المادي والوظيفي، وإنما العيب في البيروقراطية - وتخبط القرارات - وأزمة وضع الفرد المناسب في المكان المناسب.
family_sciences@