عندما تتضارب القيم من خلال الترحيب بأفكار وسلوكيات تتعارض مع الدين والعادات والتقاليد داخل الأسرة العربية المسلمة فإنها بذلك تنتج شخصيات هزيلة، والشخصية الهزيلة هي من تعاني من فوضى قيم فلا تستطيع التفريق بين الصح والخطأ، وبذلك تصر على أخطائها والإصلاح لديها عقيم، ولما اندثرت المبادئ الدينية وبدأ التوغل الغربي الساحق أصبحنا نرى تلك الشخصيات تتزاحم في واقعنا الاجتماعي، حيث التشجيع الكبير للأبناء من قبل والديهم على تلك الفوضى السلوكية أصبح واقعا ملموسا بسبب التلهف وراء الانفتاح الكبير والمغريات التي نشرها الإعلام الإغوائي والاغرائي.
فمن الأمور التي يستسهلها بعض الناس اليوم إنما هي سلوكيات تنعكس بالظواهر السلبية التي تفتك بالشخصية المسلمة منها:
- الاحتفال بالكريسماس وشجرة العيد الميلاد التي تملأ بعض بيوت المسلمين، إلى جانب الاحتفال بعيد رأس السنة، والهالوين.
- ازدواجية اللغة، وحرص بعض الآباء والأمهات على التحدث باللغة الإنجليزية مع أبنائهم، لدرجة أن الكثير من أطفال اليوم يتحدثون الإنجليزية بطلاقة بشكل أفضل من العربية والبعض عقيم اللغة العربية.
- إهمال أمر الصلاة في اليوم والليلة.
- ضرب الدين من خلال معارضة الحجاب والستر والكثير من المبادئ الإسلامية تحت مسمى الحريات الشخصية.
- التفلت الذي يكون عكس الالتزام الديني والأخلاقي.
إن مرآة الأبناء هي والديهم فإن كان الأب غير واع لعواقب السلوكيات الفوضوية وضعيف الفكر والمبادئ والوازع الديني، والأم هائمة صانعة للموضة والتكلف في المناسبات وفي الاحتياجات همها تتبع أحدث الصرعات في المأكل والمشرب والملبس ونمط الحياة، وبذلك تكون التربية قائمة على الشكليات وقمع للقيم، فكيف لا تتكاثر الشخصيات الهزيلة؟ فقد أصبحت مصدر إزعاج وقلق في الأوساط الاجتماعية.
الشخصية الهزيلة هي التي لا حدود لها، كلمة (عادي) أول ما تنطق به عندما تسألها عن سلوك ضد المبادئ والقيم، فينعكس ذلك على قرارتها ومبادئها ومواجهتها للمشاكل والأزمات ورأيها المتذبذب والاستسلامي للأساليب الملتوية، والشخصية الهزيلة تضرب الدين وتنصاع وراء هوية لا تمثلها فهي لا تعتز بهويتها.
ومما سبق وبعيدا عن مفهوم التشدد الديني عند البعض، إن محاربة تلك السلوكيات شيء مهم من أجل نهضة أمة للصلاح وللإصلاح، فالكثير يناشد بالرفاه الحضاري والمعماري ويناشد بالإصلاح الإداري للبلد ويناشد في محاربة الفساد بأشكاله وألوانه ويناشد بتعليم جيد وبنى تحتية حديثة...، كيف يحدث كل ذلك والغالبية تحيا بيوتها بشخصيات هزيلة في أهدافها دون وعي للأسلوب التربوي الواجب اتباعه من أجل إفاقة مجتمع نائم عن غفلته.
وقفة تأمل: فلنفكر بالواقع ونحيي ما قد مات منه، إن العالم الآخر الباهر للشخصية العربية بإنجازاته كان نتيجة أمرين:
- الإخلاص بالعمل.
- والتمسك بالمبادئ والاعتزاز بالهوية واللغة.
فعندما نكون أمة اقرأ، وأمة المبادئ الربانية الراقية، وأمة الأمن الاجتماعي، وأمة الاستقرار الأسري، وأمة المصلحة العامة بعيدا عن التمركز حول الذات، إنها أمة الإسلام، الدين القيم الذي كسح العالم الغربي وزعزع أهدافه الهدامة فكيف لا نكون بؤرة إغواء وإغراء بقيمنا وسلوكياتنا للمجتمعات المظلمة التي بكل غباء نتبع خطواتها!
وكلمة أخيرة: الاســتهانة بالسلوكيات الصغيرة سبب الظـــواهر الخطيرة التي تهدد أمن وهوية المجتمع، والتاريخ البشري يشهد بذلك.
LinesTitle@